تأكد من حماية حدودك : الأهمية القصوى لذلك ؟
جسدك هو المنزل الذي تسكنه نفسك و روحك، ونفسك هي المأوى الذي تسكن فيه مشاعرك وأفكارك و دوافعك السلوكية. وكما أن لجسدك حُرمة، فإن لنفسك أيضًا حُرمة
…بمعنى
لديك الحق في أن لا يقترب أحد من حدودك النفسية دون إذن، لديك الحق في أن لا يتعدى أحد عليك أو يتدخل فيك أو يستحوذ عليك تحت أي مسمى أو ادعاء
من حقك أن تحدد المسافة النفسية بينك وبين أي شخص. من حقك أن تقترب ممن ترتاح له وتطمئن إليه، وتمنع من لا تطمئن له من الاقتراب. من حقك أن تسمح لشخص ما بالاقتراب أكثر، وأن تفتح له الباب ليدخل المنزل، ومن حقك أن تضع حاجزًا يفصل بينك وبين شخص آخر
حتى داخل منزلك النفسي، هناك أشخاص تجلسهم في الصالة أو في غرفة الاستقبال، وهناك آخرون تدعوهم لتناول الطعام وتدخلهم غرفة الطعام، وهناك من تسمح لهم بالتجول بحرية في المنزل وكأنهم أصحاب المكان
لماذا كل هذا ؟
لأن هناك أشخاصًا هوايتهم اقتحام الآخرين. يقترب منك ويقترب أكثر، وعندما يجد أنك قد فتحت حدودك، يدخل ويتجول ويشعر أن المكان أصبح ملكه، فيجلس ويبدأ في استهلاك مشاعرك، مما يجعلك تحزن بدلاً منه، وتتألم عوضًا عنه، وتحمل همومه بالنيابة عنه. ثم يبدأ في إنهاك أفكارك، فتحتار في مشاكله، وتتردد في قراراته، وتعاني في كل خطوة يخطوها. وبعد ذلك يبدأ في توجيه تصرفاتك لمصلحته، ورسم سلوكك لصالحه، فتنسي نفسك تمامًا
هناك أيضًا من يجيد الاستحواذ، أي يحب أن يمتلك الآخر ويحتل أرضه. يريدك أن تكون متاحًا له طوال الوقت، يريد أن يستحوذ على انتباهك واهتمامك وتفكيرك ومشاعرك، وبعد فترة يريد أن يستحوذ على حياتك بأكملها. يريدك أن تعيش له، وليس لنفسك. الكثير من قصص الحب المؤلمة تنتهي بهذا الشكل، وهذا يؤدي إلى تدمير أحد الطرفين تمامًا
وكثير من الزيجات الفاشلة يكون هذا هو السبب. وكذلك العديد من الأمراض النفسية التي تصيب الأطفال والشباب في بداية حياتهم تكون نتيجة لأن الآباء والأمهات يرون أن ابنهم أو ابنتهم مشروع حياتهم (وليس مشروع حياتهم الشخصية)، وأنه يجب أن يحقق أحلامهم (وليس أحلامه)، وأن يفعل ما لم يتمكنوا من فعله (وليس ما يرغب هو في فعله)
هناك أيضًا من يشبهون مصاصي الدماء، يريدون أن يمتصوا دمك، يريدون أن يأخذوا منك كل ما يمكنهم الحصول عليه. تصبح أنت مصدر العطاء المستمر، تعطي وتعطي حتى تنزف. تحب، وتسامح، وتستمع، وتفهم، وتقدر، وتحتمل، وتقطع من نفسك يوميًا لتقديمها قربانًا لهم. تدفع الثمن الغالي يوميًا في سبيل رضاهم، وهم لا يشبعون، ولن يشبعوا أبدًا
وهناك من هم أخطر من الجميع، يذيبون الحدود ويزيلون الفواصل حتى لا تعرف أين حدودك من حدودهم، أين الخط الفاصل بينك وبينهم، أين أنت وأين هم. تتيه داخلهم أو يتيهون داخلك، فلا تعرف ما تشعر به هل هو منك أم منهم، ما تراه هل هو بعينيك أم بعيونهم، ما بداخلك هل هو لك أم أُلقي إليك من عندهم. تتلخبط، تحتار، ثم تضيع
في المقابل، هناك من يقفون على الحدود منتظرين الإذن، منتظرين الإشارة الخضراء، في انتظار أن تفتح لهم الباب
وهناك من يتجولون حولك، كل أملهم أن تلاحظ وجودهم، مجرد أن تلاحظ
وهناك من يقفون بعيدًا، بعيدًا جدًا، لا يعرفون هل يقتربون أم يبتعدون
فقم الآن بالتأكد من حدودك، راجع المسافات بينك وبين الناس. انظر من يوجد أين، من قريب، من قريب جدًا، من قريب لدرجة الخطر، ومن مقتحم، ومن مستحوذ، ومن محتل، ومن يمتص الدماء. قم بإجراء التعديلات اللازمة، وضع كل شخص في مكانه المناسب
انظر أيضًا من يقف عند الباب، ومن يتجول حولك، ومن يقف بعيدًا، وكلهم ينتظرون الإذن والإشارة الخضراء، إذا كنت ترغب في ذلك
نقول مرة أخرى, لديك الحق في تحديد من يكون في أي مكان، ومتى, من المهم أن تكون حدودك واضحة، وأن تكون أرضك آمنة، ومن المهم أن تدافع عنها وتحميها من أي أذى من أي نوع
تحديد المسافة بينك وبين أي شخص هو حق أصيل لك، كما هو حق أصيل لكل الناس. منزلك النفسي ملكك، وليس ملكًا لأي شخص آخر، فاحرص على حمايته لأنه أمانة سيسألك عنها الذي سلمك عقد ملكيته المؤقتة يوم خلقك
رُفعت الأقلام، وجفت الصحف
إقرأ أيضاً
تمرين حب الذات, لويز هاي : كيف اجعلك سعيداً اليوم ؟
تأمل إحتضان الذات و رفع ذبذبات الحب
الفرق بين الأنانية وحب الذات والإيثار
كراهية الذات والشعور بالخزي والعار منها VS الهجرة للروح
أحلى فيلم قصير عن حب الذات بعنوان غير جميلة
كيف ترفع استحقاقك ؟