تحرر من قيود الصناديق: رحلة نحو الذات والحياة الحقيقية

تحرر من قيود الصناديق: رحلة نحو الذات والحياة الحقيقية

 

كثير منا يعيش حياته داخل صندوق ضيق.. صندوق مُحكم مغلق يتكون من نمط محدد في التفكير، ومشاعر نمطية، وسلوكيات ثابتة في التعامل مع الآخرين. هذا الصندوق يتشكل من فرضيات وقواعد قديمة عن الحياة والعالم والناس. نجد أنفسنا نكرر ردود أفعال معينة تجاه مواقف مختلفة، وربما نعيش داخل دوامة من المشاعر المتكررة التي لا تتغير

بعض هذه الصناديق تمثل حالة مرضية يعيش فيها أصحابها دون وعي بحالتهم، بينما بعض الصناديق الأخرى ليست مرضية بحد ذاتها، لكنها أيضًا ليست طبيعية أو صحية. لأن الحياة الحقيقية ليست أن نحصر أنفسنا داخل جدران مغلقة

الشخص الذي يتمسك بمجموعة من الأفكار أو المخاوف ويعتقد أنه الوحيد على صواب، ويعتبر كل من حوله مخطئين، هو شخص يعيش في صندوق. وكذلك من يحبس نفسه في أفكار معينة ولا يرى غيرها. ومن يغرق في مخاوفه ولا يحاول التحرر منها، أو من يسجن عقله في تصورات محدودة ويرفض الاستماع لأي رأي آخر. كل هذه الأوضاع تمثل صناديق

المرأة التي تعيش مع أولادها في دائرة مغلقة وتعتقد أنها المصدر الوحيد لكل الحب والاهتمام في غياب أو حتى في حضور الأب، والأشخاص الذين يرتبطون ببعضهم لدرجة أنهم يستغنون عن العالم من حولهم، والزوجة التي تختبر زوجها نفسيًا بشكل دائم لترى مدى حبه وصبره، كل هذه العلاقات أيضاً تمثل صناديق

صندوق المجتمع، صندوق العادات والتقاليد، صندوق السعي لأن نكون الأفضل في كل شيء وعدم السماح لأنفسنا بالفشل، وصندوق التمسك بأشخاص على حساب أنفسنا، وصندوق لعب أدوار الضحية أو الجاني أو المنقذ.. كلها أمثلة لصناديق تحد من حرية الحياة. كذلك التطرف في فهم الدين، والخوف الدائم من الآخر، وحتى الزواج الذي يحمل يافطة الطلاق، والوظيفة التي نغرق فيها دون حب أو اختيار.. كلها صناديق نعيش فيها مغلقين

من يعيش داخل هذه الصناديق قد يقضي حياته بأكملها دون أن يدرك أن هناك عالمًا آخر مختلفًا تمامًا في الخارج.. عالم مليء بالحياة والحرية خارج سجن تلك القيود

لكن كيف نخرج من هذه الصناديق ؟

الخطوة الأولى هي الإيمان بأن هناك عالمًا آخر مختلفًا عن كل ما نعرفه. والخطوة الثانية هي الجرأة لاتخاذ قرار الخروج، حتى لو كان يتطلب المخاطرة، لأنه لا يوجد شيء ثمين دون تضحية. والخطوة الثالثة هي ألا تخوض هذه الرحلة بمفردك. ابحث عن رفيق في هذه الرحلة، سواء كان صديقًا، أو زوجًا، أو معالجًا، أو حتى شخصًا صادفته بالصدفة.. وإذا لم تجد أحدًا، فتذكر أن الله دائمًا معك

إن كنت لا تعلم كيف تبدأ أو من أين تبدأ، لا تتعجل. إدراكك بأنك كنت تعيش داخل صندوق هو بداية جيدة. اصبر، وستجد الباقي يأتي مع الوقت

عندما تخرج من صندوقك، ستفتح عينيك لترى العالم كما لم تره من قبل. ستكتشف خدعة حياتك السابقة وستبدأ بتكوين علاقات جديدة بأفكار ومشاعر مختلفة تمامًا. سترى وتسمع وتختبر كل شيء وكأنك تعيش لأول مرة، وتتنفس لأول مرة، وتولد من جديد

كفى صناديق ! لننطلق لنرى النور

 

إقرأ أيضاً

كيفية تقبل الذات و إكتساب مهارات التقبل

تأمل إحتضان الذات و رفع ذبذبات الحب

تمرين حب الذات, لويز هاي : كيف اجعلك سعيداً اليوم ؟

كيف ترفع استحقاقك ؟

 

د. محمد طه

1 réflexion sur “تحرر من قيود الصناديق: رحلة نحو الذات والحياة الحقيقية”

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *