خمسة عشر دقيقة تأمّل : مارسه يوميا لتركيز عقلي أعلى
يمكن ان نشبّه ممارسة التأمل بالطبّ البديل , فالطبّ عموما يساعد على الاستشفاء من الامراض العضوية , لكن التأمل هو تقنية استشفائية تستهدف الأمراض الروحية و النفسية و لا نستثني أيضا تأثيرها الإيجابي على الجسم. كلّ ما علينا عمله هو أن نكون اكثر دراية بهذه التقنية و التعرف عليها عن قرب و لن يحدث ذلك بمجرّد القراءة عنها او بالمعرفة النظرية , بل علينا ان نبدأ في ممارسة التأمّل لنكتشف الفرق بين حياتنا قبل الممارسة و بعدها
و في هذا المقال سنمدّكم بطريقة بسيطة و فعّالة تدخلون من خلالها لعالم اليقظة الروحية و السّلام الدّاخلي , و لن تكون هذه العملية مملّة أو مُطوّلة , فالتأمّل لا يكون بالضرورة لساعة او ساعتين , فبضع دقائق من الصفاء الذّهني كفيلة بتغيير مزاجك الى الأفضل ليوم كامل. دع الفرح يتدفق و السعادة تجد طريقها الى قلبك و الصفاء يرسل بذبذباته الى عقلك و هيا بنا لنكتشف طريقة ال15 دقيقة للتأمل من اجل تركيز عقليّ فعّال
قم بإنشاء وضع التأمل الخاص بك
يتطلّب منك هذا الجزء خمس دقائق أو أقلّ من أجل اختيار الوضعية المناسبة و المريحة التي تجد فيها نفسك مسترخيا قدر الإمكان
إذا اخترت الجلوس فبإمكانك ان تتخذ وضع زهرة اللوتس , بحيث يكون الجزء العلوي من الجسم مستقيما ولكن ليس صلبًا. يمكن أن تضع يديك على فخذيك أمام لتكون موازية لجسمك العلوي . نبدأ هنا بالتركيزعلى شاكرا الجذر او المقعد التي تمثّل القاعدة التي تدعم الجسد ككلّ
اما إذا كنت ستختار وضعية الوقوف فمن الضروريّ هنا أن تضع تركيزك الكلّي على قدميك , و ذلك من خلال استشعار الأرض التي تقف عليها , لذا عليك ان تكون حافي القدمين بحيث تتحد كليا مع عنصر الأرض
و إذا كنت ستختار وضعية الاستلقاء , فمن الأفضل ان تضع رأسك على وسادة مريحة و تضع يديك بالتوازي مع جسمك دون ان تحرك اطرافك , و دع تركيزك ينصبّ على عملية التنفّس
أمّا إذا كانت لديك مشكلات جسدية خاصة ، فما عليك سوى إجراء تعديلات بسيطة اخذا بعين الاعتبار الوضع الذي سيكون الأنسب لك
و في كلّ الوضعيات , يمكن ان تختار بين فتح عينيك او غلقها ، لكن لا تشتت نظرك بالتجول في ارجاء الغرفة او المكان
بعد أن اخترت الوضع المناسب و الصحيح , نمر للجزء الثاني الذي يتعلق بعملية التنفّس
لاحظ التنفس
الآن ، ببساطة انتبه إلى تنفسك شهيقا و زفيرا. الشيء الجميل في التنفس هنا هو أن يكون معتدلا و هادئا و سلسا. انتبه إلى جسمك و تنفّسك معا. عندما تلاحظ أنفاسك ، فأنت تقوم بالتركيز على الشاكرات الرئيسية في جسمك, لذلك فهي تجربة تستدعي حضور الجسد بالكامل. يمكننا أيضًا أن نشعر بدرجات الحرارة في الغرفة ونحفّز قدرتنا على الشعور بالعالم , ستشعر في اثناء هذه العملية أنّك جسدك آلة حساسة جدّا , بحيث تستقطب كلّ ما يحيط بها من طاقات و مؤثرات مناخية و صوتية. التامّل لن يجعلك تنقطع عن العالم كما يروّجون له بل سيجعلك تتعمّق أكثر في اللحظة الراهنة. و تتفاعل بايجابية مع ما يحيط بك. هذا الامر علينا ان نأخذه بعين الاعتبار و هو أنّ المتعة و الخبرة و التوازن تأتي من الإحساس بالعالم
قيادة الذّهن نحو الحاضر
لبعض الوقت يحدث ان يتجول ذهنك هنا وهناك أثناء قيامك بالتأمّل. وعمليّة التنفّس تجعلك قادرا على أن تكون حاضرا مهما حاول عقلك تشتيت انتباهك . سيطرح عليك عقلك العديد من التساؤلات العشوائية من قبيل : كيف بدأ العالم؟ لماذا نقود السيارات ؟ لماذا سُميت الطماطم بهذا الاسم ؟ من الذي اخترع الميكروسكوب ؟ كيف تعمل الطائرات المروحية؟ أو يمكن أن تخطر ببالك علاقة عاطفية فاشلة كنت قد عشتها. كلّ هذه الأمور تمتصّ الكثير من الطاقة, و تترافق هذه الأفكار بردات فعل حركية لا ارادية كتحرك الأطراف او الأصابع او العينين او التنهد الذي يؤثر على عملية التنفس
من المهم القول بأنّ تلك الأفكار هي نوع من الوجود والوعي الذي يستمر فينا و يأتي و يذهب أثناء التأمل , هو أمر طبيعي لكن مع الممارسة المستمرة للتأمل و التدرب على حالة الصفاء الذّهني الكامل , ستجعل هذه الأفكار تندثر ليحل محلها الفراغ . قد تدرك للحظة ما أنّ هذا الامر يبدو مستحيلا في غضون 15 دقيقة فقط
لكن لا تقلق , فعندما نتأمل ، نحقق فوائد بعيدة المدى وطويلة الأمد في حياتنا , بغض النظر عن بلوغنا لحالة من الصفاء الذهني المطلق , ستشعر بعد كلّ جلسة تأمّل أنّك تزداد معرفة و ثقة و قوة , ستتعزز بداخلك كلّ المشاعر البنّاءة و ستبدأ كلّ الذبذبات السلبية بالاندثار , ستحبّ العالم و ستسامح مع الأشخاص حتّى أولئك الذين آذوك في وقت من الأوقات
إقرأ أيظا ما هو الدّافع وراء التّأمّل؟ تحليل نقدي و عميق من كريشنا مورتي بالنقر هنا
إقرأ أيظا تحريرُ العقل من خلال اليقظةِ الشّديدة بالنقر هنا