كل شيء تتعلق به يسبب لك الألم وينفصل عنك

كل شيء تتعلق به يسبب لك الألم وينفصل عنك

 

لماذا كل ما نتعلق به ونحبة يبتعد عنا ؟ ما هوى التعلق ؟ يولد الإنسان حراً ولكنه في كل مكان يجر سلاسل الاستعباد, مقولة لجان جاك روسو تبين أن الإنسان ولد حراً و لكننا نجد انه يفرض على نفسه قيودا أينما ذهب. يتعلق بأشياء يظل راكضا ورائها حتى تنهكه فتخور قواه ويسقط فريسة لها, فلماذا نتعلق ؟ لماذا نتخلى عن حريتنا الموهوبة من الله تعالى ؟ لماذا نضع الأصفاد في أيدينا ثم نشتكي أنها تؤلمنا ؟ أحيانا نفكر أن التعلق شيء ايجابي فلا نسميه غالبا
باسمه بل ننتقي له مفردات أخرى فنسميه حبا اشتياقا عشقا غراما , وهو في الحقيقة لا يمت إليهم بصلة ولو كنا صادقين مع أنفسنا لأسميناه سجنا خوفا قلقا عذابا , انه الانتظار المميت لأشياء تتوقف عليها سعادتنا

التعلق في مفهومه يعني تعليق الأمان والراحة والسعادة على شيء معين و استمد منه طاقتي انها الأشياء التي نقول إننا لا نستطيع العيش من دونها و التي إذا فقدناها ننهار و ننكسر فنعيش دائما على الخوف من فقدانها

إنها تلك الموجودات التي صنعتها في نفسك فعوض أن تحلق بك إلى السعادة جعلتها تسجنك داخلها , داخل عقارب الساعة, جعلتها تحول قلبك إلى نقطة استفهام كبرى متى سيحصل ما أريد و ابغى ؟

إن ثنائية التعلق و الرفض ( كل ما تتعلق بهِ يسبب لكَ الألم ويبتعد عنك ) , هي أحد قواعد قانون ثنائية القطبية الذي يقول : كل ما في الكون ثنائيات إلا الله تعالى و الألم هو تطرف في إحدى الثنائيات, نعتقد أن التعلق شيء جيد و ضروري في الحياة إلا أنه على العكس تماماً

كما أن التعلق يفسد قانون الجذب الذي ينص على إطلاق النية والامتنان إلى الشيء المراد جذبه والتسليم و الثقة المطلقة بحدوثه لا محالة و لكن التعلق هو عدو الجذب , فهو مزيج من مشاعر الخوف والتوتر وعدم الثقة و التذبذب حيال ما أردت أو ما تريد, التعلق يشكل عائقا حقيقيا أمام أهدافك وحلمك , فهو موجة من المشاعر السلبية التي تطلقها في الكون فتجذب لكَ المزيد منها, الخوف يجذب مزيدا من الخوف , التوتر يجذب مزيدا من التوتر , و ستحصل على المزيد في كل مرة وبالتالي تجسد مخاوفك وتحققها لأن الكون لا يفرق بين ما تريد ومالا تريد هو فقط يستجيب إلى مشاعرك وأحاسيسك

كذلك يرى البعض أن التعلق من أسوء المشاعر في الدنيا و الآخرة , و السبب فيه هوى الإيجو , لأن الشخص المتعلق دائماً ما يستمد قيمته من قيمة ما يعتقد بأنه يمتلكه, فهو كالمتسول تماماً , دائما ما تجده في حالة قلق و خوف من و على, و لا يثق في شيء أو أحد لانعدام ثقته حتى بخالقه, لديه سؤ ظن , و من سنة الله في خلقه أنه من تعلق ب غير الله عذب به , و حق عليه فقدانه

أشكاله , أنواعه , مضاره : يقول باولو كوالو, كل ما فقدته في حياتي فقدته لشدة خوفي من فقدانه, التعلق علة نفسية تجعل الإنسان مرتبط بالنتيجة إذا كانت ايجابية يسعد و إن كانت سلبية يحبط وبالتالي سيؤثر على الهرمونات التي يفرزها الجسم وخاصة على هرمون السعادة وبالتالي المزيد من الإحباط واليأس والحزن

١- كيف تعلم أنك متعلق ؟

الإنسان المتعلق عادة ما ترتبط سعادته بوجود الشيء في حياته ففي حضوره يكون في قمة السعادة وفي غيابه يصبح قلبه مظلماً, تفتر روحه , تذبل عيناه حزنا على فقدانه. الإنسان المتعلق لا يستشعر الحرية ولا يستمتع بحياته كل أيامه هي عبارة عن ساعات خوف وقلق , المتعلق يفرض على نفسه قيودا ( كالأشخاص , الماديات , السيارة , المنزل…الخ ) حيث لا يشعر بالسعادة إذا لم يتوفروا انه إنسان متقلب ولا يستقر له حال , فدائما نراه راكضا خلف الأشياء فإذا اتته بعد جهد جهيد ركض خلف غيرها

انه إنسان ناس لنفسه لا يحقق عبوديته لله بل للمتغيرات الزائلة فنجد الله يقول فيه : نسوا الله فأنساهم أنفسهم انه خائف يترقب في أي وقت سيختفي هذا الشيء ويحزن

عكس الإنسان الحر الذي يحقق العبودية لله وحده وبالتالي غياب الشيء أو حضوره لن يؤثر و أن تأثيره بسيط , يعيش حالة الرضى الدائم , قلبه ممتلئ بنور الله يحقق قوله تعالى : كي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم

الوسطية أن تكون مشاعرك مستقرة لا تعيش حالة النقصان تحصل على ما تريد بسهولة تامة إذ تحلم فتطلب فيؤمن فتتلقى مستمدا إيمانك من الله تعالى فيأتيك كل شيء دون أن تركض خلفه في تناغم طاقي جميل يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : من أصبح و الاخرة همه أتته الدنيا راغمة فلا يدري أين يضعها, انه إنسان متعلق بالله معتمدا عليه ولا على غيره من الزوائل. يقول الشيخ متولي الشعراوي رحمه الله : من اعتمد على ماله قل ومن اعتمد على جاهه ذل ومن اعتمد على الناس مل ومن اعتمد على الله فلا قل ولا مل ولا ضل ولا ذل, فنجد انه قطع حبل التعلق وعلم انه لن يخسر شيئا طالما انه لا يملك شيئا وان الملك كله لله. يقول باولو كوالو : لا احد يخسر احد لأن لا احد يملك احد

٢- ما هي أنواع التعلق ؟

التعلق نوعان تعلق بالباطل وتعلق بالحق , الأول سعادة مؤقتة وحسرة دائمة والثانية حسرة مؤقتة وسعادة دائمة , الأول تعلق مادي و المادة تفنى و الثانية تعلق بالله والله حي لا يموت , وبذلك نضرب مثلا يوسف الصديق عليه السلام وامرأة العزيز زليخة حين كادت له طاعتا لهوى نفسها والصديق حين استعصم بالله وبالحق فسجن ومازال يرابط على الحق حتى نصره الله فأصبح ملكا

٣- فك الارتباط

يقول احد الفلاسفة : عندما يتحرك قطار الحرية فإن على الناس أن يختاروا بين أمرين إما الركوب فيه و إما الموت تحت عجلاته

بادر بالتحرر فإذا أردت انهاء التعلق بالاشخاص والأشياءء فتحرر , تحرر منهم , و لا يعني أن تتحرر منهم أن تتركهم
ولكن يعني أن تتحرر منهم أن تترك لهم الحرية و المساحات دون أن تطالبهم بشيء أو تلزمهم بشيء تجاهك , لا تسجنهم بمشاعرك وبالتالي تسجن فيهم نفسك, فالسجان ليس أكثر حرية من ضحيته فالقيد الذي تضعه في يد السجين يقيدك أكثر مما يقيده, تحرر من الماديات , فلا يجب أن تستمد قيمتك من رصيدك في البنك مثلا أو بحجم منزلك أو بسعر سيارتك , بل قس مكانتك وقيمتك بقيمتك عند الله

يقول الدكتور مصطفى محمود : لست تافها عند ربك و لا هين الشأن فقد نفخ فيك من روحه و اسجد لك ملائكته وسخر لك أكوانه كلها و أعطاك التسرمد والخلود ومنحك الحرية إن شئت كنت ربانيا وان شئت كنت شيطاني فأين هوان الشأن في هذا كله, تخلص من مشاعرك السلبية , تحرر من الخوف من القلق من الانتظار عش بالإيمان القاطع انه لن يصيبك إلا ما قد كتب الله لك , اشعر بالإيجابية باكتمال الشيء الذي تريد وحضوره معك لا بنقصانه أو الخوف من فقدانه

أحب الله و أحب نفسك فحينها لن تكون متعطشا للعواطف بل ستكون مصدرا لها الجميع يرغب بك وبقربك لأنهم يستمدون منك الطاقة الإيجابية عكس المتعلق الذي يسحب الطاقة من الشخص الذي يحبه حتى يشعره بالنفور و الاختناق, فالمتعلق يستمد طاقته من الشيء المتعلق به والمتحرر يستمد طاقته من الله فالأولى تنفذ مما تسرع اختفائها من حياته والثانية باقية ما بقيت ولهذا نجد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ينبهنا بأن لا نتعلق ويقول لنا أحبب من شئت فإنك مفارقه

الحب ليس التعلق لذا تحرر من التعلق لا من الحب ‚فإذا كنت في حالة حب فأنت تعطي دون أن تنتظر مقابل وتكون في حالة غنى واستمتاع قصوى ‚حاول انهاء التعلق بالاشخاص فإن كنت متعلق فأنت تعطي وتنتظر مقابل لعطاياك فإذا لم تحصل على المقابل انهرت و أصابك الهم والحزن ستكون دائما في حالة فقر للآخرين

تحقيق الأهداف يحتم الشعور الايجابي الذي يبدد مشاعر الخوف والقلق ويجعلك في تركيز عقلي تام مع أهدافك حتى تجذبه بعيدا عن التشتيت

أخيرا و ليس آخرا داوم على ذكر الله تعالى و اجعل غاياتك إرضاؤه, أليس الله بكاف عبده ! فلم الخوف إذاً , لا ترتبط بشيء أكثر من ارتباطك بالله فتتألم فالله يغار على قلب عبده إذا تعلق بغيره يقول تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى. فالله وعدنا بالعطاء حتى الرضى فلا تحشى فقدان شيئ كخشيتك من أن تفقد الله واختم بقول احد الأئمة من لم يفقد الله فما فقد شيئا

 

إقرأ أيضاً

التعلق من أكبر العوائق : كيفية التعامل معه و تحريره ؟

التشافي من التعلق

انتبه واقعك هو صدى صوتك الداخلي : سايكولوجية الحياة و التعلق

ماهو الفرق بين الحب والتعلق : مع إختبار لتقييم التعلق عندك

إستراتيجيات التخلص من التعلق

سيكولوجية الشخص المتعلق : من عمق التجارب الواقعية

التعلق بالأشخاص وفقدان الشعور بالقيمة

لماذا تسجننا العلاقات السامة

 

 

فريق الكون, نيرونات أكاديمي

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *