لماذا ينهي خطأ واحد سنوات من المحبة ؟

لماذا ينهي خطأ واحد سنوات من المحبة ؟

 

الحفاظ على علاقاتنا مع الأخرين مهم جدا ، وللحفاظ على هذه العلاقات علينا التحلي بالحكمة والصبر وفهم الطرف الأخر. يمر الإنسان بمراحل عديدة في حياته ويلتقي بأناس كثر ، منهم من يمر مرور الكرام ومنهم من يعلق في الذاكرة فنطلق على العديد منهم ألقابا حسب درجة القرب والمحبة فهذه صديقة العمر ، وهذا الأخ الذي لم تلده أمي وغيرها ثم تأتي الصدمة فبعد سنوات طوال انتهى كل شيء فما الذي حصل ؟

وللإجابة على هذا السؤال علينا أن ندرك بأن كل طرف من أطراف العلاقة هو كائن منفصل عن الأخر في التفكير وفي النظر للأمور، ناهيك عن البيئة والشخصية والمحيط وغيرها من الأمور ، فما تراه أنت صوابا قد يكون قمة الخطأ عند الطرف الأخر ، وما تنساه أنت من مواقف قد يختزنه عقله الباطن حتى يصبح مثقلا بالأفكار السلبية اتجاهك ، هذا إذا أغفلنا السواد الذي يحيط بالبعض فيكرهون نجاحك وتفوقك، فيعتبرون بأن ما تحصل عليه في الحياة أكبر منك وأنهم هم أولى به ، وهذه قصة أخرى طبعا

وهنا يحضرني قول الدكتور خالد غطاس حيث يقول : إذا أردت تقييم علاقتك بالمحيطين بك ، فقم بخطأ واحد وراقب ردة الفعل على هذا الخطأ ، فإذا كانت ردة الفعل مساوية للخطأ في الحجم فلا توجد مشكلة ، لكن المشكلة الحقيقية إذا كانت ردة الفعل أكبر من الخطأ ، فهنا عليك مراجعة هذه العلاقة وهل تسير بالاتجاه الصحيح أم لا

منذ سنوات وأنا أبحث عن هذا المعنى ، ومن خلال تجارب سابقة كنت أسأل نفس السؤال : لماذا يمحو خطأ واحد سنوات من الصداقة والمحبة وكانت الإجابة في كلام الدكتور خالد غطاس ، ولكن لماذا يحدث ذلك ؟

ما يحدث حقيقة هو نوع من تراكم المواقف ، دون ايجاد حلول جذرية لها في وقتها ، فيختزن كل طرف مشاعر شتى نحو الطرف الأخر ، وفي النهاية موقف صغير قد ينهي الحكاية

فعند حدوث الخطأ تأتي ردة الفعل ، وهنا تحدث المفاجأت ، فردة الفعل مبالغ فيها ، أكبر من الخطأ بمراحل ، فالموضوع لا يحتمل كل هذا ،الخطأ بسيط ويمكن حله بعتاب سريع وتنتهي القصة ، ولكنك ستسمع كلاما لا يصدق ، وقد يعقبها انهاء للعلاقة بطريقة جارحة ومؤذية ،وهنا عليك أن تجلس مع نفسك لمعرفة السبب الحقيقي لما حدث ، وقراءة المشهد منذ البداية وأين كان الخلل تحديدا ، حتى لا تتحامل على نفسك كثيرا ، فلا تجلدها على نتيجة لم تكن أنت السبب الحقيقي وراءها

وبمراجعة بسيطة للماضي القريب ستجد بأن الحقيقة قد قيلت لك سابقا مرارا وتكرارا ، في الرضا قبل الغضب ، فاللسان ينطق أحيانا بما يختزنه العقل دون وعي منا ، وما قد نعتبر أنه مزاح ثقيل قد يكون هو عين الحقيقة ، أما ما تسمعه وقت الغضب فهو لب الموضوع ، ولكننا للأسف نغلق عين العقل أمام عين القلب ، فنجد أعذارا لكل هذه السقطات ولكل الكلام الجارح الذي سمعناه سابقا ، وهنا يأتي السؤال المهم لماذا ؟

أولا : علينا أن نفهم دوافع الطرف الأخر وهل ما حصل كان نتيجة تراكمات لمواقف سابقة ،ومشاكل يومية لم تحل ، اهمال وعدم اهتمام وغيرها من الأمور التي أدت إلى حدوث شرخ بدأ يتسع مع مرور المواقف

وفي هذه الحالة يمكن اصلاح الضرر عبر المصارحة والمكاشفة وإزالة أي سوء فهم حدث ، ويمكن تفهم تعب الأخر واحتواء الموقف

أما إذا كان السبب الحقيقي هو بغض وحقد دفين ، فالابتعاد هو الحل ، فالحاقد لن ينتهي حقده والكاره لك لن يعود ، والتخطي في هذه الحالة ليس بالأمر السهل ، ولكنه الحل الوحيد ، فسلامك الداخلي أهم وأثمن من علاقة لا أمل فيها

ثانيا : مصارحة الذات ، وعدم التعنت والاعتراف بالتقصير إذا وجد ، ومحاولة إصلاح الخطأ و رأب الشرخ الذي حدث ، والاحتواء هو أهم ما يمكن تقديمه للطرف الأخر ، والعمل بشكل مشترك على حل المشكلة ، فكثير من العلاقات كان يمكن ترميمها لو التقى الطرفان في منطقة وسط ، مع الاعتراف بالتقصير وعدم فهم دوافع الأخر ، ومحاولة احتواء الموقف ، ولا ضرر طبعا من طلب المشورة من شخص لديه الحكمة الكافية لتقديم النصح لكليهما ، ويفضل أن يكون هذا الشخص مختص بالعلاقات ولديه القدرة على التعامل مع هذه الحالات

وفي النهاية علينا أن لا ندع موقفا واحدا ينهي سنوات من الألفة والمحبة ، فلنكره الخطأ لا المخطئ فكلنا بشر ولسنا معصومون عن الخطأ ،عاتب دون تجريح ، وتحدث بحب ، فالكلمة الطيبة صدقة

 

إقرأ أيضاً

تنشيط و تحفيز نقطة السعادة : ﺍﻟﻐﺪﺓ ﺍﻟﺼﻌﺘﺮﻳﺔ

كيف نكتشف الكنز المخبأ داخلنا ؟

الزوجة رحم الجمال، مُسببات تغيير الرجل، مفاتيح صنع الجمال : فهم أعماق العلاقة الزوجية

سبب التفكير الزائد بشخص طول الوقت

 

 

عبير الرمحي

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *