أنت لست عقلك : إيكارت تول

أنت لست عقلك : إيكارت تول

 

يقول إيكارت تول: معظم الناس غير واعين أنَّ هناك شخصاً صغيراً موجوداً في دماغهم يتكلم باستمرار طوال اليوم. معظم الناس يستمدون هويتهم و إحساسهم بأنفسهم من ذلك الصوت الذي يثرثر في دماغهم و في معظم الأحيان يكون ذلك الصوت حزيناً و يُوَلِّد كمية كبيرة من التعاسة لصاحبه. هذا الإزعاج العقلي هو أكبر عائق يمنعك من الوصول إلى حالة السلام النفسي

يقول إيكارت: اسأل نفسك هذا السؤال: هل تستطيع التحرُّر من سيطرة عقلك عندما تريد ؟ هل وجدتَ زر الإيقاف ؟ فإذا كنتَ لا تستطيع التوقف عن التفكير فهذا يعني أنَّ عقلك هو الذي يتحكم فيك و أنك مُستَعبَد لعقلك من غير أن تدري!
بداية الاستيقاظ الروحاني و الحرية هي أن تدرك أنك لستَ العقل المفكر و إنما أنت الوعي المراقب لذلك العقل. أنت أعمق و أسمى من ذلك العقل, و حينذاك ستكتشف أنَّ هناك مكاناً أسمى من العقل تنبع منه كل الأشياء المهمة حقاً مثل الجمال و الحب و الإبداع و المتعة و السلام الداخلي

ويحكي إيكارت قصة استيقاظه الروحاني قائلاً: عندما كنتُ في بواكير شبابي كنتُ أشعر بالاكتئاب و القلق و الخوف و عدم الرغبة في الحياة, و ذات ليلة و أنا في التاسعة و العشرين من عمري نهضتُ من نومي في منتصف الليل و أنا في حالة ضيق شديد و راودتني فكرة قوية في دماغي تقول: أنا لا أستطيع أن أعيش مع نفسي أكثر من هذا. أنا لا أستطيع أن أعيش مع نفسي أكثر من هذا!..ثم فجأة بدأتُ أنظر إلى تلك الفكرة: أنا لا أستطيع أن أعيش مع نفسي أكثر من هذا. هل أنا شخص واحد أم شخصين ؟ فهذه الفكرة تشير إلى وجود شخصين، هما: (أنا) و(نفسي) التي لا أستطيع أن أعيش معها

وفي اليوم التالي نهضتُ من نومي في الصباح الباكر و نظرتُ حولي في الغرفة و بدا لي أنَّ كل شيء أراه كما لو أنني أراه للمرة الأولى في حياتي. كل شيء يبدو جديداً مُفعَمَاً بالسلام و الحيوية, الضوء الداخل إلى الغرفة من خلال النافذة, الأواني و الأدوات التي في الطاولة, كل شيء مفعم بالحيوية و في ذلك الصباح خرجتُ في جولة في الشوارع و رأيتُ كل شيء مفعم بالحياة و السلام حتى زحمة المرور رأيتها مُفعَمة بالسلام, و بعد فترة طويلة أدركتُ أنَّ التحوُّل الذي حَدَثَ لي في تلك الليلة كان ناجماً عن انفصال الوعي المراقب عن الأفكار. حدث هذا التحوُّل عندما اكتشفتُ أنني لستُ عقلي, أنا لستُ الأفكار التي تدور في عقلي, بل أنا الوعي المراقب لتلك الأفكار و السؤال الآن هو: كيف توقف تدفق هذه الأفكار القهرية المتواصلة في دماغك ؟ كيف توقف هذه الأسطوانات الصوتية التي ربما ظلت تتكرر في دماغك سنوات طويلة ؟ فهذا الصوت يكون لدى بعض الناس عدوهم اللدود الذي يهاجمهم و يعذبهم باستمرار و يستنزف كمية كبيرة من طاقتهم و يسبب لهم التعاسة و الشقاء و الأمراض

يقول إيكارت: أهم شيء للتحرُّر من هذا الصوت هو أن تراقب أفكارك, أن تستمع إلى هذا الصوت الذي يثرثر في دماغك بقدر ما تستطيع. كن واعياً و منتبهاً لأيِّ نمط متكرر من التفكير يتكرر في دماغك. هذا ما أعنيه بأن تراقب العقل المفكر. كن أنت الوعي المراقب للأفكار و كن الحضور الشاهد على تلك الأفكار, استمع من غير أن تصدر أحكام أو تدين ذلك الصوت و ستلاحظ بسرعة أنَّ هناك انفصالاً حدث بينك و بين ذلك الصوت الذي يدور في دماغك, ستلاحظ أنَّ هناك شخصين هما: أنت و الصوت و أنك أنت الوعي المراقب و لستَ الصوت). حينذاك ستصير واعياً ليس فقط بالصوت الذي يدور في دماغك، و إنما بنفسك باعتبارك الوعي المراقب و الحضور الشاهد على الأفكار التي تدور في عقلك. هذا الوعي الذي تسلطه على الأفكار يجعل الأفكار تفقد قواها و تتلاشى بسرعة. هذه هي بداية التحرر من التفكير القهري المتواصل, و يمكنك أيضاً أن توقف تدفق الأفكار في دماغك من خلال تركيز انتباهك على اللحظة الحالية. فقط كن واعياً تماماً باللحظة الحالية, في هذه الحالة ستكون قد سحبت الوعي و الانتباه من الأفكار المتواصلة في عقلك و أوقفت عقلك عن التفكير, ستصير واعياً و منتبهاً من غير أن تفكر.. و هذا هو جوهر التأمل

 

إقرأ أيضاً تحميل كتاب قوة عقلك الباطن : جوزيف ميرفي بالضغط هنا

إقرأ أيضاً كيف تبرمج وتسيطر على عقلك الباطن بالضغط هنا

إقرأ أيضاً تأثير الكلمة على عقلك و طريقة استغلالها لصالحك بالضغط هنا

إقرأ أيضاً افعل هذا لمدّةِ سبعةِ أيّامٍ : جو ديسبنزا بالضغط هنا

إقرأ أيضاً 3 طُرق لتنشيط نظَام تَهدِئة دِماغك و تفعيله بالضغط هنا

إقرأ أيضاً قيادة عقلك الباطن بالضغط هنا

 

 

إيكارت تول

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *