اعتن بالطفل الذي بداخلك
من منّا لا يحمل ذلك الطفل في داخله ؟ من منّا لا يشعر في الكثير من الأوقات بالحنين الى مرحلة الطفولة؟ تلك الفترة العمرية الخالية من كلّ شيء سلبيّ , الهادئة , الحالمة , البيضاء. يُجمع النّاس على انّ الطفولة هي أفضل مرحلة خاضوها , حيث لا مشكلات و لا مسؤوليات , لا أرق و لا تفكير و لا مواجهات
لكن على خلاف ما نعتقد , فإنّ مرحلة الطفولة لم تذهب الى غير رجعة . فنحن نحمل دائما ذلك الطفل الصغير في داخلنا , حتى دون وعي منّا فنحن “أطفال” الى الممات
ما نحن اليوم الّا نتاح و حصيلة ما عشناه في طفولتنا , فعقلنا اللاواعي لا يزال يحتفظ بكلّ الصور و التفاصيل الصغيرة التي لا نتذكّر منها في الواقع الا شذرات مقتضبة و متقطّعة لأحداث و مشاعر و مواقف كان لها أثر بالغ علينا في تلك المرحلة
قد تباغتكم الرغبة في التصرف كالاطفال , قد تشعرون بغبطة كبيرة عند رؤيتكم للعبة كنتم تمتلكونها في طفولتكم , قد تكونون حساسين للغاية إزاء موقف بسيط مما يدفعكم للبكاء او الانزواء كما يفعل الأطفال . قد تشعرون بسعادة عارمة عند تناولكم لقطعة شوكولا او مثلجات او حلوى العرائس التي كنتم تقتنونها في الأعياد و المناسبات
قد تتصرفون بطفولية عندما تغارون على شريككم , فمنكم من يصرخ و يزمّ شفتيه عند الشجار و منكم من يحزن بشدّة لأنّ شريكه لم يحضر له هديّة عيد مولده .. كلّ هذه الأمور هي بسبب أنّ ذلك الطفل الذي تحملونه بالدّاخل يريد أن يأخذ بزمام الأمور , هو يحاول اشعاركم بوجوده حتّى انكم لا تستطيعون كبته في أغلب الأحيان , لانكم في مجاراته تختبرون راحة و اكتفاء طالما فقدتموها عندما أصبحتم راشدين
لذا, لا تحاولوا إخفاء ذلك الجانب الشقي و البريء فيكم , لا تسعوا الى دفنه وسط مشاغل الحياة أو وراء السنّ و المكانة الاجتماعية ..يحتاج كلّ منّا لان يرضخ الى جانبه الطفولي , لأن يسعد قليلا بتلك النعمة التي حبانا بها الكون , و هي قدرتنا على العيش بروح طفولية مهما كبرنا و مهما بلغنا من العمر و مهما نلنا من قسوة الحياة
الطّفل الذي فيك تستطيع ان تقتله يوما بعد يوم إذا تجاهلته , تستطيع ان تجعله يختفي شيئا فشيئا إذا كنت شديد الحرص على الظهور مظهر العاقل الراشد , الحكيم و الرصين
كل تلك الصفات الأخيرة رائعة و مُحببة لكن الاستمتاع بالحياة يبدا عندما نُطلق عنان طفلنا الصغير الذي بالدّاخل
إقرأ أيضاً : مفهوم الطفل الداخلي مع شرح تفصيلي كامل وتمارين شفائه بالنقر هنا
إقرأ أيضاً : ما هو صوت الضمير وكيف يعمل في حياتنا في كل شاردة وواردة بالنقر هنا