التشافي من التعلق

التشافي من التعلق

 

لا أجد فرق بين الادمان والتعلق كلاهما حالة من الاحتياج الشديد والجارف تجاه شئ معين، إن المدمن على التعاطي هو متعلق والمدمن على مشاهدة المواقع الاباحية هو متعلق كذلك المدمن على وجود أشخاص بحياته هو أيضا متعلق، فالإدمان كما ذكرت حالة من التعلق الشديد الذي يصعب جدا الإقلاع عنه، وبما أني مهتم بمجال الوعي الذاتي سوف يكون مقالي خاص عن التعلق العاطفي في العلاقات وسوف تفيدك تطبيقات المقال في التشافي من أي تعلق آخر

و سأنطلق في هذا المقال من ثلاث محاور

١- مصدره
٢- أسبابه المتكررة
٣- طرق لتشافي منه

المحور الأول مصدره، وهو الجذر الذي نبتت منه هذي الشجرة التعيسة، يجب أن تعلم نقطة مهمة أن النفس تخاف من الخواء، لا تريد الخواء والفراغ، تبحث دائما عن الامتلاء، هي دائما في بحث حثيث عن مايشبع خواءها بالنسبة لها هذا الخواء تهديد من أكثر شئ تفزع منه وهي الوحدة، إن الوحدة مرعبة جدا لكثير من البشر، ولا اقصد بالوحدة الخلوة، اقصد فقدان الاهتمام من الاخرين

الوحدة ليس لها علاقة بمخالطة البشر نهائيا، قد تجد أشخاص متواجدين في كل التجمعات مختلطين بكل المناسبات متواصلين مع كثير البشر لديهم معارف لا تحصى ولكن شعور الوحدة يمزقهم، بالمقابل هناك أشخاص أقل منهم تعارفا وخلطةً و لا يجدون هذا الشعور. و لا تعتقد بكلامي أني اعقد مقارنة بين المخالطة و الانطواء، بالعكس وجود علاقات داعمة واصدقاء هو من أهم وسائل التشافي والصحة النفسية

نرجع لموضوعنا عندما يشعر الإنسان بهذا الخواء الداخلي ينمو الخوف من الوحدة التي هي فقدان الاهتمام من الآخرين، فتتحرك رغبة البقاء عنده فيقتحم عالم العلاقات العاطفية، فبمجرد دخول أي شخص في عالمه يلقي القبض عليه مباشرة، بالنسبة له هذا الشخص منقذه الذي أنقذه من الخواء و الوحدة، فيتعلق به حتي لو كان هذا الإنسان كثير الاهمال له في العلاقة يعطيه مشاعر بالقطارة ما يهم، اعطيني مشاعر بالقطارة عادي، جوعني بهذلني عادي، قطرة مشاعر خير من وحدة

١- من أين نشأ التعلق ؟

من حالة الانفصال الاولى لما جاء لهذا العالم عندما انفصل عن رحم أمه لحظة الولادة، لكن هذا الانفصال لم يكن معاناة لكنه الشرارة الاولى فالطفل حديث عهد بعالم روحه الممتلئ و الهانئ، إن روحك لاتخيفها الوحدة لأنها لاترى الانفصال هي تشعر بالوحدة الكونية ( خلقكم من نفس واحدة) كلنا شئ واحد متصل هذي طبيعة الروح، لكن عندما حدث الانفصال برزت (الأنا الخاوية) التي صنعتها ذاكرة المعاملات اليومية التي خاضها الانسان منذ طفولته حتى التحق بمدرسته مرورا بالمجتمع هنا تضخمت (الأنا) المنفصلة عن الروح، نشأ التعلق من التمسك باللعبة وأنت طفل، نشأ من مخاوف خروج الأم من البيت، من خوف انتهاء علاقة الام والأب، من التعلق بالمعلمة او المعلم في المدرسة، إن التعلق هو أحد آثار الأنا الخاوية التي تبحث عن المزيد طول الوقت

٢- أسبابها المتكررة

هو انفلات هذي الأنا الخاوية بديلا عن الوعي، إن الوعي هو القوة الخفية المهملة، الوعي هو سبب قدومك لهذا العالم لكنك نسيت، كل إنسان يملك هذي القوة, لا يوجد مفاضلة بين أحد، هل لاحظت تكرار تجربة التعلق في كل العلاقات ؟ السبب هو المحافظة على نفس المشاعر، صدقني بتلف و تدور بتقوم وتقعد وبتدخل دورات كثيرة وتأخذ استشارات عديدة و بتقرأ كتب مختلفة وبدون الالتفات لجانب المشاعر لن يتغير شئ، فنصيحة اختصر على نفسك الموضوع و لتكن البداية من المشاعر التي سأعرضها في جانب طرق التشافي

طالما أنت تحمل هذا الفايروس الداخلي في مشاعرك سوف يتكرر مرضك بالتعلق في كل علاقة عاطفية تدخلها

٣- طرق التشافي منه

١- الاعتراف : عندما تعترف تقولك روحك يا هلا ومرحبا مطول الغيبات، يجب أن تعترف أنك في حالة تعلق إياك والانكار والمكابرة أنت الخاسر الوحيد، الاعتراف ليس ضعفا عندما تعترف سوف تشعر بإرتياح مفاجئ والسبب هو سقوط المقاومة، لقد كنت في حالة مقاومة وانكار وكل هذا يستهلك وينهك شعورك

٢- الوعي بالشعور الذي تعطيك هذي العلاقة : هل تعطيك الأمان؟ أو الاحتواء ؟ أو المتعة؟ أو تشعرك بقيمتك و وجودك ؟ فقط كن واعي فيه اكتشفه اكتبه كماهو مثلا : هذا الشخص يشعرني بالامان الخ

٣- تعرف على وجودك : إن وجودك مخلوق من النعيم الخالص الذي لاينفذ هذي حقيقة و ليست شعراً، لكنك كنت تائها و خاملاً ثم دخل هذا الشخص حياتك وحرك كل ذكرياتك تجاه وجودك الخاص لكنك فقدت البوصلة واعتقدت أن هذا الشخص هو البديل عنك، و إلا مالذي يجعل شخصا كان خاملا كئيبا خاويا من أي طاقة تجاه الحياه ثم يدخل إنسان حياته وفجأة دبت الحياة بداخله فصار سعيدا حيوياً ثم غادر حياته فرجع خاملا منطفئا مرة أخرى، لايوجد سبب إلا أنه قام بتحريك وجودك الخاص الذي هو أصلا موجود قبل مجيئه وبعد رحيله

٤- كيف اكتشف وجودي الخاص ؟ هو ليس شيئا مخبئا وغامضا حتى تبحث عنه هو موجود دائما أمام عينيك فقط افتح عينيك، العيون التي اطلب منك فتحها ليست عيني رأسك بل عيني قلبك، شلون؟ ابدأ بالتأمل، التأمل هو النافذة المطلة على روحك، بداخل روحك توجد محيطات من الأمان والنعيم ومن خلال التأمل اليومي سوف تراه وسوف يغمرك, في موقعنا اكتب في خانة البحث التأمل و سيضهر لك كل المقالات و الفيديوهات المتعلقة بهذا الموضوع و كيفية ممارسته ، قم بالإطلاع عليها إن أردت

مداومة التأمل سوف يجعلك ممتلئا بلا أحد، وحيويا بلا أشخاص، وسعيدا بلا فزعة من أحد، ارجوك لاتفهم من كلامي أنها دعوة للرهبنة وقطع العلاقات، كلنا نريد الحب والاهتمام ولنا احتياجات بشرية لكن هيهااات وشتااان بين الاحتياج الطبيعي والتعلق العاطفي

٥- السماح : اصدقائي, عندما يشتد عليكم ألم التعلق والتفكير القهري بهذا الشخص، لا تهرب لا تهرب اترك محاولاتك القديمة بمحاولة نسيانه بالاجبار، لن تنساه بهذي الطريقة، لا اريد منك أن تتوقف عن التفكير فيه، لا فكر فيه خذ راحتك و لكن اطلب منك التالي اوعدني أنك سوف تعمله, عندما تأتي تلك الافكار الشديدة تجاهه المحملة بالحنين والاشواق تخيل أنك شخصين, أنك نسختين, هذا الشخص الذي يحن و يفكر ويشتاق ونسخة أخرى تراقبك وتشاهدك بصمت وحب دون أي محكامة عليك أو استنقاص أو أدانة. فقط استرخي تماما عندما تقوى مشاعر التعلق شاهدها بالنسخة الصامتة اسمح لهذي المشاعر بالمرور وانت في حالة مشاهدة صامتة. قد يثور عليك الشعور و يشتد لا يهم واصل العملية هذي ردة فعل الأنا لقد ضربتها في مقتل، الأنا بالبداية سوف تقاوم وعيك وحضورك ومراقبتك ربما تشككك في كل العملية وتقول اش قاعد تخربط انت ! أو تروغ عنك أو تنقل الالم مكان آخر أو تأتيك في أحلامك على شكل كوابيس، لا يهم اصمد في موقعك المراقب وكرر المحالة قد تحتاج لجلسات عديدة حتى تتقنها

وأخيرا : المقال ليس ضد الاشواق و الحب ليس دعوة ايجابية زائفة و لكنه يأخذ بيدك نحو حريتك الداخلية إن طبقت و استمريت

 

إقرأ أيضاً

علاج التعلق المرضى بشخص
إستراتيجيات التخلص من التعلق
التعلق من أكبر العوائق : كيفية التعامل معه و تحريره ؟
ماهو الفرق بين الحب والتعلق : مع إختبار لتقييم التعلق عندك
فك التعلق المرضي
لماذا تسجننا العلاقات السامة
التعلق بالأشخاص وفقدان الشعور بالقيمة

 

 

عبدالله الهاشمي

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *