العلاقة بين الحب والخيانة

العلاقة بين الحب والخيانة


عليك أن تفهم ذلك حتى تحافظ على علاقتك مع من تحب

لعل هذا الموضوع قد طُلبَ مني الكتابة فيه مرارًا غير أني قد كتبت فيه الكثير سابِقًا ولم أعد أجد ما أكتب فيه، إلى أن ارتسمت في ذهني فكرة جديدة أحسم فيها رأيي في موضوعٍ شغلَ حيزًا كبيرًا في النقاش بيني وبين بعض الأصدقاء ممن أحب آرائهم والنقاش معهم بالعادة، على الرغم من كوني أصبحت أعتقد أن من إهانة العِلم أن تُجادل فيه كلَّ أحد ولكن من إكرامه كذلك أن تعرضهُ على من تَثق بآرائهم
أبدأُ الأمرَ بالتذكير بشيء سبق أن كتبت عنه في مقال سابق بعنوان « الحُبُّ مِن النظرةِ الأولى » قد شرحت فيه نظرية نفسية تُفسر مَفهوم الحُب من النّظرة الأولى، والآن سأكمل بالبناء على ذلك المفهوم، وسأشرح الفكرة بشكل مختصر كمقدمة.أنوه للقارئ أنك لا تحتاج للرجوع لذلك المقال إلا من باب الزيادة في الفهم وإلا فإن هذا يكفيك

بدايةً : الإرادة تابعة للحب فنحن نريد ما نحب أو ما يوصلنا لما نحب من الغايات وجلب المنافع ودفع الآلام والمضار، فالحب ميل القلب لبعض الأمور يتعلق بطبيعة الإنسان وهو لا إرادي وهو من أسباب الإرادة أساسًا، فنحن حين نحب لا نختار أن نحب بل نختار ونريد ما نُحب، ولو أننا حاولنا أن نختار أن نحب شيئًا لما كان ذلك حُبًّا، ببساطة لأنك لا يمكنك أن تختار أن تحب شيء أنت أساسًا لا تحبه بالفعل ولا تجد في نفسه ميلًا له، بينما إذا كنت تحبه فعلا فلا معنى أن تختار أن تحبه بعد عدمِ ذلك
أما معايير الحب التي نجدها في أنفسنا لا شعوريًّا فهذه بعضها مشترك عند جميع الناس كحب الأشخاص الصادقين والجميلين مثلًا، وبعضها تختلف حسب اهتماماتنا وشخصيتنا كحب الشخص المثقف أو الشخص الذي يضحكنا أو كلاهما معًا، ويعتمد هذا النوع من الحب على ما نراه من الصفات الأولوية بالنسبة لنا التي تجعلنا نميل لشخص فنحبه أو نعجب به بمجرد توافر تلك الصفات الأساسية فيه التي قد نلاحظها فورا من المرات الأولى التي نلتقي فيه بها
وأنا هنا أفرق بين الحب كمفهوم وهو ذلك المفهوم العميق الذي يدخل فيه الاهتمام والتضحية والتشجيع وغيره،
وبين الشعور القلبي المسمى بالحب الذي قد يحصل بسرعة، وفي المقال أقصد المعنى الثاني الذي يؤدي إلى الأول مع الوقت في حال حافظنا عليه وحملنا مسؤوليته
وهذه المقدمة أظن أنني شرحتها بشكل أعمق في المقال المذكور عنوانه في بداية هذا المقال

ولندخل بالموضوع الرئيسي اليوم، الخيانة

بعد أن شرحنا مفهوم أن الحب وميل القلب لا إرادي فأنت عليك أن تحافظ على حبّك تجاه شخص من ذلك الشيء اللا إرادي وهو ميل القلب الذي إن توافرت أسباب ميله إلى شخص آخر فهو سيميل لا إراديّا ولن يطلب منك إذن كما حصل تماما تجاه الشخص الأول، لا يمكنك أن تعتقد أن هذا مستحيل فطالما أنك تتحدث عن مفهوم الخيانة كمفهوم موجود إذا عليك أن تعترف أن القلب قد يميل تجاه شخص آخر إذا توافرت أسباب ذلك وهذه الأسباب تختلف من شخص لآخر.
والآن قد أصدمك بما سأقول ولكن..، هذا ما يدل عليه ما شرحته سابقًا
من بوابات الخيانة في هذا العصر هو مفهوم الصداقة بين الرجل والمرأة
يكمن الغلط بشكل عام عند عامة من يضع رأيًا في هذا الموضوع في نقطتين
إنكار واقع موجود ونعايشه
‏تشبيه شيئين مختلفين ببعضهم

فالنقطة الأولى هو أن بعض الأشخاص ينكرون وجود الصداقة بين الرجل والمرأة وهذه مكابرة وتكذيب للواقع من حيث أنه بالفعل هناك صداقة بين الرجل والمرأة وهذا نعايشه ولا يمكن إنكاره! بغض النظر عن كونه صوابًا أو خطأ من الناحية الأخلاقية

وأما النقطة الثانية هي أن من يعترف بوجود هذا النوع من الصداقة غالبًا يهمل الفرق بين هذه النوعية من الصداقة وبين الصداقة داخل أبناء الجنس الواحد لإهماله الاختلاف النوعي بين الجنسين وطبيعة علاقتهم العاطفية والنفسية كشيء طبيعي

فعلاقة الرجل بالرجل مثلا كصداقة لا يمكن أن تتطور إلى أكثر من ذلك أو لنقل تتطور إلى علاقة حب رومنسي حميمي مثلًا ! بينما مع المرأة فالطبيعي أن تتطور العلاقة في حال لم يضع الرجل والمراة حدود، وهذه الحدود نضعها بشكل إرادي بالطبع، المشكلة أن الحب لا إرادي فلذلك هذه الحدود غير مضمونة بالأساس فلذلك بمجرد فتحك لبوابة الصداقة هذه وأنت تحب شخص ومطالب بالوفاء له فأنت فتحت بالفعل بوابة الخيانة سواء لاحظت أو لم تلاحظ سواء حصلت تلك الخيانة او لا لكنك فتحت البوابة لها بالفعل, والمشكلة أنك قد تنحاز لما يميل له قلبك وتخون تلك الحدود في حال فتحت الباب لنفسك أساسًا، فلذلك لا تمشي في خطوات تعلم أن نهايتها الخيانة بالأساس أو على الأقل امكان الخيانة.
وزيادة على ذلك فإن علاقة الصداقة نفسها ليست على درجة واحدة انما تتطور هي نفسها حتى تصعد لمرتبة يصعب فيها الفراق جدًا وحل ذلك بين الرجل والمرأة لا يكون الا بطلب الارتباط الذي يرافقه بالطبع الحب
ولذلك بالمناسبة عامة الشباب والبنات يغارون من أصدقاء شريكم من الجنس الآخر بشكل بديهي ودون تفكير منهم لأن هذه الحقائق المذكورة بالمقال على صعوبة اللغة الذي كتبته بها إلا أنها بديهية واضحة غير أننا أصبحنا في زمن نحتاج فيه توضيح الواضحات
يكفيني هذا القدر وأترك لكم مجالًا لأن تطرحوا آرائكم حوله بإنصاف وتأمل


غَيثْ الحَلبيّة

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *