حوار بين الروح و العقل

حوار بين الروح و العقل

الروح: هل يصل أصحاب الطموحات إلى طموحاتهم ؟

العقل: نعم! – فكل اصحاب الطموحات الذين أعرفهم يحققون طموحهم ولكنهم يرفعون سقف طموحاتهم باستمرار ليحققوا المزيد .. لأن الإنسان يجب ان يطور طموحه باستمرار حتى لا يموت فيه ويفقد قيمته فى الحياة

الروح: ولكن متى يتمتعون بالسكون ؟

العقل: السكون عدو الطموح وهو ضياع للوقت ويعطل وصول الإنسان الى طموحه

الروح: ماهى الغاية اذا من الركض خلف الطموحات بإستمرار؟

العقل: تحقيق السعادة

الروح: وهل يحقق الإنسان هذه السعادة بركضه خلف طموحاته؟

العقل: بالتاكيد

الروح: أذا لماذا يتركها مره اخرى بعد ان يصل اليها بتحقيق اول طموح له ويواصل الركض خلف طموح جديد ؟

العقل: أممم!! .. اعتقد بسبب حاجته الى المزيد من السعادة

الروح: وأين توجد هذه السعادة؟

العقل: خلف الطموحات والنجاحات

الروح: اذا لماذا بعض من حققوا طموحاتهم لم يجدوا هذه السعادة؟

العقل: أمممممم!!! لابد وأنهم لم يضعوا الجهد اللازم

الروح: طيب متى سيتوقف هولاء عن الركض ليستمتعوا بسعادتهم ؟

العقل: أممممممم

الروح: أرى أن همهماتك كثرت بسبب قلة حيلتك فى الإجابة على هذه الأسئلة بوضوح ، ولكنى أعرف ان ذلك بسبب إنشغالك وتركيزك على احد اهم اسلحتك وهو (الطموح) الذى تستخدمه لتقنع بها الإنسان ليستمر يركض خلف طموحاته ظانا ان السعادة موجوده خلفها ولانك تعلم بان سكون اى من قطبى الزمكان (متى/أين) الذين يرتكز عليهما ما تسميه ب (الطموح) – وغياب اى منهما يعنى أن السكون سيجد فرصة للتسلل وقد تصيبك سهامه بان يجد الإنسان فرصه التركيز فى داخله ويكشف السراب الذى كان يطارده وحتما ذلك سيقتلك! وبما انك لم تجيب على هذا السؤال الآخير ، فدعنا نثبت هذه الحقيقة المهمة وهى عدم وجود السعادة خلف ما تسميه (الطموح)
ما يتراءى للمرء فى ظاهر هذه الاحداث ان السعادة هى المحفز للإنسان ليستمر فى السعى ، خلفها ولكن من حوارنا هناك دلالة على أن الإنسان الذى يركض خلف طموحاته باستمرار فهو لا يعرف السعادة الحقيقية ، والا لكان توقف عن الركض بمجرد وصوله اليها! وذلك يستدعي سؤال آخر وهو : هل يمكن لشئ يجهل حقيقته الإنسان ، أن يحفز الإنسان للحركة والسعى للوصول إليه؟

الروح: بعد تفكيرك لبضعة ثوان فى هذا السؤال ، واختبارك لاى من الاجابتين (لا / نعم) المتوقعتين للإجابة على مثل هذا السؤال ، قد تظن انى انصب لك فخا به!!! وذلك لانك ستظن إنك

ان اجبت ب (لا) – فستثبت بانك مكار وصورت للإنسان بان الحصول على السعادة مرتبط بتحقيق طموحاته والمحافظة عليها مرتبط برفع سقف طموحاته ومواصلة ركضه خلفها ، لان فعله هذا حتما ينم عن عدم معرفته بل جهله الكبير بالسعادة))

وان اجبت ب (نعم) – رغم انك لا تؤمن بهذه الإجابة – فستخشي أن أتبعها بسؤال آخر يتعارض مع إيمانك هذا – وهو (كيف تفسر هذا؟) ، ولن تملك له إجابة ايضا !!! والسبب لأنك تؤمن بلغة المنطق (قانون – السبب والنتيجة) وهذه الإجابة هنا تتنافى مع هذا المنطق! ولكن دعنى أؤكد لك باننى لا أنصب لك فخا – فالفخ ينصبه الصياد لصيده ، ولكننى اؤمن بالإنتماء .. وهو ليس إيمانا فقط ، فإذا بحثت عنى لوجدتنى فيك ، ووجدتك فينى ، فكيف أنصب فخا لى
عموما .. دعنا ننتقل الى سؤال آخر .. هل تحكم على التجرد والبساطة بأنها عدو للنجاح؟ .. وأن النجاحات لا تتحقق الا بالمنافسة وامتلاك مهارات وموارد اكثر واعلى درجة من منافسيك؟
أعلم باننى أثقلت عليك بالأسئلة ، ولكن هناك المزيد والمزيد من التساؤلات التى احب أن أشاطرها معك ، فهلا صبرت على قليلا

الروح: هل تعتقد أن الحياة حلبة صراع لا يستمر فيها الا الاقوياء ؟

الروح: هل تعتقد أن الصداقة علاقة منفعة متبادلة تنتهى بانتهاء هذه المنفعة ؟

الروح: هل تعتقد أن الأمومة فرض على كل أم ولا تستحق عليه الوفاء ؟

الروح: هل تعتقد ان الأبوة واجب على كل أب ولا يستحق عليها الشكر والثناء ؟

الروح: هناك الكثير من الظواهر التى تبعث لمثل هذه التساؤلات! إذا بحث فيها الإنسان عن إجابات قد يجد فيها الدليل او طوق النجاة الذى ينشله من عتمة (الأنا المزيفة) الى رحابة (الروح) ومن ظلمة النفس الى نور الله, فكلما واصل الإنسان ركضه خلف ما يسمي الطموح ، اتسعت الفجوة التى بينه وبين سعادته

الروح: فهناك الكثير من الظواهر التى نتجت بسبب انشغال الناس بالركض خلف طموحاتهم واصبحت داعما كبيرا لتعاستهم بدل الوصول لسعادتهم كما صورت لهم …. ومثال لهذه الظواهر

وجود الكثير من الناس ممن يتذمرون من الوضع الذى يعيشونه ويرون فى الوطن الذى يعيشون فيه السبب لمشاكلهم والمعرقل لحياتهم ، ويرون الخلاص فى سفرهم إلى دولة اخرى معينة او حتى الفرار من اوطانهم لاى بلد كان

او اولئك الذين يشتكون من الظروف المحيطة بهم ويظنون ان الظروف تعاكسهم وتمنعهم من الوصول الى اهدافهم؟

او الذين يرون فى امتلاك المال الحل لكل مشاكلهم فى الحياة ويظلوا يصارعون فى الحياة كل يوم للوصول الى هذا المال ، وتمر السنين امامهم ويزداد وضعهم سوءا مما كانوا عليه ويصبحوا أكثر فقرا ويبتعد المال عنهم أكثر؟
وغيرها من الظواهر التى تستوجب من هؤلاء الناس ان يتوقفوا من الركض ويسكنوا قليلا حتى يتسنى لهم رؤية الصورة كاملة

ختاما اشكرك على وقتك وسعة صدرك لهذا الحوار ، وارجو ان اراك المرة القادمة على الجانب الآخر حيث توجد السعادة الحقيقية

محمد الهيثم

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *