سيكولوجيا النرجسي – كيف يحول نفسه من الجاني إلى الضحية

سيكولوجيا النرجسي – كيف يحول نفسه من الجاني إلى الضحية

لا شك أن شخصية النرجسي من أكثر الشخصيات التي تكره الخسارة في النقاشات أو الظهور بمظهر المخطئ المسيء في العلاقات ولذلك بشكل تلقائي تسلك سلوك دفاعياً يسمى « ميكانيزم الدفاع » ولميكانيزمات الدفاع هذه مسميات وتصانيف كثيرة من ضمنها أسلوب يحول النرجسي فيه نفسه من الجاني إلى الضحية ويقتنع ويقنع خصمه بذلك من خلال أسلوب التشكيك بنوايا الخصم أو ذاكرته أو أحكامه العقلية. ويمكننا تبيان بعض الطرق التي يسلكها النرجسي في أثناء لعب تلك الحيلة بعدة أمثلة

يشكك بنواياك في أفعالك الحسنة التي لا يستطيع إنكارها، بشكل سخيف , كأن يقول: لا بد أنك كنت تتظاهر طوال الوقت أنك تحبني ولا تقوم بعمل  مشاكل معي فقط لتظهر بصورة البريء ولكنك تنتظرني أن أخطأ أنا حتى تتركني
ثم بنائا على الاستنتاج السابق الواضح التفاهة والبطلان لن ينتظرك حتى ترد، بل سيبدأ ببناء العديد من الاستنتاجات المفروضة بنائاً على استنتاجه السابق كأن يقول: أنتم هكذا أساسا دائما تحبون الخذلان والخيانة، وأصلا أنت طوال الوقت كنت تخدعني وأنا اتخطى الأمر باستمرار

كما تلاحظ، أولا استنتاج سخيف ومتسرع ثم بناء الكثير من الاتهامات عليه حتى تظهر بمظهر الاتهامات المسوغة والأسلوب الأشهر هو توجيهها كلها بوقت واحد حتى يصعب الرد عليها وتفنيدها واحدة واحدة! ومن ثم فإن كان هو الخائن الخاذل فسيتهمك بأنك أنت الخائن بنائا على مثل هذه الأساليب في محاولة واضحة للتشكيك في ذاكرتك وعلمك الواضح بأنه هو من فعل ذلك لا أنت
وتحضرني قصة فتاة أمسكت بخطيبها متلبساً وهو يخونها فتركته ونسيته تماما، فأرسل لها يقول، طالما أنك لم تبكي علي إذا لم تكوني تحبينني أساسا وكنتي تخونينني مع شخص آخر طوال الوقت! يا خائنة!
كما تلاحظ فهو بهذه الفجاجة يقوم بتخطي كل الأشياء السيئة الذي فعلها وكأنه يحاول أن يجر الخصم إلى أن ينساها ويتحول من المهاجم إلى المدافع! وهكذا يكون قد تحول من الجاني إلى الضحية من خلال أسلوب ال « جسليغتنغ » الجدلي

« وهناك أسلوب آخر يسمى « خطأ الإحالة الأساسي

وكذلك هي حيلة نفسية : هذه الحيلة يستخدمها النرجسي لكي يقنع نفسه بأنه ضحية وليس مذنب من خلال أن يحيل أخطائه إلى الضغوطات النفسية  والعوامل الخارجية والمجتمعية ومثال

هكذا رباني أهلي وهذا خطأ في تربيتهم هم وليس خطأي
ظروفي أجبرتني
المجتمع هو السبب

! ولكن عندما يرتكب أحد أخر الأخطاء أمامه فإنه يلقي اللوم عليه ولا يفكر بالمجتمع ولا الضغوط النفسية كذلك
وهذه المغالطة لو صحت لكانت فرجاً كبيراً لكل مجرمين العالم وشهادة تبرئة لهم أمام المحاكم! ولكن للأسف هناك شيء نسوه وهو أنهم كانوا عقلاء حين فعلوا ذلك بإرادتهم ويميزون بين الصواب والخطأ وتدفعهم دوافعهم النفسية والنفعية!. ولكي تتخطى هذا الأسلوب عليك أن تطلب من النرجسي أن يقدم اتهاماته واحداً واحداً وليس على شكل حزمات وقبل أن ترد عليها دمر الأساس الواهي الذي بناها عليه

وانتبه له وهو يمارس مغالطة السؤال المشحون او الاتهام المشحون : وهو نفسه الذي يمارسه المحقق حين يسأل المتهم « هل استخدمت سلاح كلاشنكوف حين قتلت الجثة؟! » قبل ان يعترف أساساً، وهو كذلك يجعلك ترد على اتهامات اساسا مبنية على اتهامات اخرى غير مثبتة!. ومن ثم أقلب الطاولة عليه بأن تذكره بأنه هو من فعل ذلك وإن حاول التشكيك بذاكرتك أو وقوع تلك الأحداث أخبره أنك تتذكرها تماماً وأن وقوعها من عدمه ليس موضع الجدل الآن لأن الأمر محسوم ولا داعي للتهرب من خلال إنكاره وأن إنكاره لن يغير من نظرتك للموضوع وقل له أنت مطالب أن تقدم دليل أن الأمر الفلاني لم يحدث طالما أنك تتحدث بهذا الجرئة في الانكار، أم أن ذاكرتك هي الموثوق بها بينما ذاكرتي ليست موثوقة

وبالتأكيد أمنعه تماماً من استخدام أي نوع من المغالطات المنطقية بأدب دون أن تشعره بأنك تنتقص منه أو تريد تدميره وإظهاره بمظهر الضعيف إنما فقط تريد أن تصل لحقيقة صحيحة توصلكم للحل الصحيح وليس فقط الانتصار للذات والشخصنة

الأسلوب الثالث هو التخلي عن المسؤولية وتحميلها للطرف الآخر كاملة! فهو يلقي عليك المسؤولية الكاملة ولو كان هو المخطئ فمثلا لو اتفقت أنت وهو على إنهاء العلاقة فسيجعلك خائن مع ذلك! على الرغم من كونه قد يكون ساهم في دفعك لهذا القرار أساسا والقرار مشترك وبالاتفاق، أو يستفزك ويحاول إغضابك فإن غضبت يلومك وهو يعلم خطأه، أو مثلا يترك العلاقة وينتظر منك أن تحاول أن تصالحه وان لم تصالحه يحملك مسؤولية انهاء العلاقة

وسأذكر الأسلوب الرابع والأخير في هذا المقال حتى لا أطيل وهو أسلوب الابتزاز العاطفي: وهو باختصار أن يقوم باستغلال مشاعرك الحسنة تجاهه ليجعلك تتغاضى عن أخطائه بينما هو لا يتغاضى عن أخطائك، ويعتبر تغاضيك هذا بمثابة واجب عليك واعتراف منك بأنه غير مخطئ أساساً! بينما هو يقوم بجمع أخطائك وزلاتك ومحاسبتك عليها باستمرار ويتناسى إيجابياتك، أو يستخدم وقع بعض الجمل العاطفية كأن يقول لك: كيف تراني بهذا الشكل السيء وانا فلان الذي يحبك وتحبه! أنت تغيرت

كما ترى هنا برأ نفسه بلا حجة منطقية واتهمك أنت ليحول نفسه الى ضحية ويحولك انت للجاني، فهو يتناقض مع نفسه حين يرفض تهمتك له لمجرد أنه فلان وأنك تحبيه بينما لا يتورع عن اتهامك بأنك متغير ولا بد أن هناك سبب لتغيرك ويبدأ ببناء الفرضيات والاتهامات

غيث_الحلبية

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *