كيف تتحرر من الكارما السلبية ؟

كيف تتحرر من الكارما السلبية ؟

 

عندما يختفي شخص سيء من حياتك و يظهر مكانه شخص سيء أخر يقوم بنفس الأذى الذي كان يفعله الشخص الأول، أو يصاب شخص ما بمرض قابل للشفاء، و لكنه لا يشفى منه رغم تناوله للعلاج وذهابه للأطباء، فهذه مؤشرات على وجود الكارما السلبية. أو عندما يتعرض شخص للفشل مرارًا و تكرارًا رغم توفر كل سبل النجاح، قد يتعلق الأمر أيضًا بالكارما السلبية و التي لو ظلت موجودة في حياة كل هؤلاء لن تتغير حياتهم، و سيظلوا يعانون من عاقبتها، فالله سبحانه و تعالى لا يغير قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

١- ما هي الكارما ؟

الكارما هي قانون السبب و النتيجة، أي أن لكل فعل رد فعل، ما نفعله في حياتنا سيرتد علينا، من يزرع الخير سيرتد عليه بالخير، و من يزرع الشر سيرتد عليه بالشر، كما قال الله تعالى في سورة الزلزلة (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرَا يره)

للكارما تأثير كبير على حياتنا بالخير أو بالشر على حسب أفعالنا و سلوكياتنا بالماضي، و هي تؤثر على شكل الوجه، شكل الجسد، الصحة، العلاقات، المال، الكارما هي من يرسم طريق حياتنا، لذا لا بد أن نحاول التخلص من الكارما السلبية القديمة، و نحررها، و نحولها أيضًا إلى كارما إيجابية ترتد علينا بالخير الوفير، و تخدم الواقع والمستقبل

فمثلا فتيات كثيرات يسألونني: لا أعرف لماذا أفشل في كل علاقاتي، و عندما يتقدم أي عريس لخطبتي رغم القبول يتوقف الموضوع ؟ لماذا أفشل في الوصول لكل أهدافي، و حتى عندما أصل أفسد كل شيء و ينهار و أعود من جديد لنقطة الصفر ؟

تتعلق الإجابة على كل هذه التساؤلات بوجود مخزون من الكارما السلبية في حياتهم، و بسبب عدم ربطهم للأحداث و فهم الدرس، بالتالي تخلصهم من هذا المخزون السيء، تتفاقم المشكلات و تزداد

٢- الكارما في القرآن الكريم

كثيرًا ما تردني بعض الأسئلة عن الكارما، و علاقتها بغفران رب العالمين، فهناك من يشكك بأن الكارما تتعارض مع القرآن و الدين، و هذا بالطبع ليس صحيحًا، فالقرآن الكريم هو المنهج الذي شرعه الله لنا في الأرض، و المنبع الذي نستقي منه القوانين

الكارما لا تنفي الغفران و لكنها تتعلق بحقوق العباد، فعندما تخطئ بحق نفسك و تستغفر الله عز وجل و تتوب إليه بقلب صافي و تعتزم عدم الرجوع للمعصية، يغفر الله عز وجل الذنوب و لو كانت مثل زبد البحر، أما حينما يتعلق الأمر بالخطأ في حق من حقوق العباد لا بد من أن يتبع الاستغفار خطوات أخرى، و أهمها إرجاع الحقوق لأصحابها و طلب السماح والمغفرة منهم

فمثلاً هل دعوة المظلوم التي يستجيب لها الله عز وجل من فوق سبع سموات، لها استغفار ؟ هل ينتهي الأمر بمجرد قيام الظالم بالاستغفار دون أن يرد على المظلوم مظلمته، أو يعيد له حقه ؟
أن يكون هناك شخص اعتاد على النميمة و الغيبة في حق غيره، شخص سرق غيره و انتزع ما ليس له، شخص أحدث فتنة و كذب و أحدث ضررًا لغيره، شخص اعتاد أن يذكر غيره لما لا يحب، هل استغفاره فقط لله عز وجل سيكون كافيًا؟
الله سبحانه و تعالى أمر بحفظ حقوق العباد، و ردها لأصحابها، و يوم القيامة سيأخذ من حسنات المذنب و يعطى العبد الذي أُذنب في حقه، و إن انتهت حسناته سيأخذ من سيئات الأخر حتى تتوازن الكفة، و يحدث العدل

إذن لا بد من إرجاع حقوق العباد : من اغتاب و لم يطلب الغفران ممن اغتابهم، فلو حدث أن فلان أشاع على الملأ في أحد الأماكن أن فلان سيء، لا بد أن يأتي في نفس المكان و يحسن الصورة التي رسمها و يدعي الله و يقول: اللهم اغفر لي و لمن اغتبت، و يخرج صدقة عنه، حتى يذهب السيئات عن نفسه لأن كل ما يفعله سيرتد عليه، سيرتد عليه في السيئات عند مليك مقتدر، سيرتد عليه في حياته و يعيش في شقاء

يستحيل أن يكون هناك شخص يحقد على الآخرين، و لا يُحقد عليه، يغير من الآخرين و لا يُغار منه، كل السلوكيات التي نفعلها، نتلقى مردودها، زرعت طيب ستحصد طيبًا، زرعت شرًا فلتتحمل الشر الذي سيأتيك، تلك هي فلسفة الكارما التي أتحدث عنها دائمًا، و أدعوكم جميعًا للتخلص من أثرها السيئ و تحويلها لكارما إيجابية، ترتد عليكم بالخير

٣- ما هي أعراض الكارما السلبية ؟

كثيرًا ما تردني أسئلة من نوعية كيف أعرف أن عندي كارما سلبية ؟ كيف أتخلص من الكارما السلبية ؟ و كيف أكثر من وجود الكارما الإيجابية في حياتي ؟ إذا كان هناك شخص لا يستطيع تحقيق هدف معين في حياته رغم توفر كل الأسباب و أخذه بها ؟ فمثلًا شخص يسعى لمكانة معينة، يدرس و يتعلم و يدفع المال في الكورسات، و يفعل و يفعل و لكن يفشل و لا يستطيع بلوغ هدفه، من الممكن أن يكون عليه كارما. و أيضاً إذا كان هناك مرض يصيب الفرد أكثر من مرة في نفس المنطقة من المرجح أن يكون عليه كارما أيضاً

قصة عن الكارما السلبية : هناك قصة شهيرة عن امرأة كانت تعاني من الألم في ركبتها، فذهبت للطبيب و أجرت جراحة للتخلص من هذا الألم، و بعد العلاج خرجت من عنده، فصدمتها سيارة و أصابتها في نفس المنطقة، وع اد الألم من جديد إلى الركبة، هي أيضًا من الممكن أن يكون عليها كارما

قصة عن الكارما الإيجابية : سأحكي لكم قصة عن الكارما الإيجابية وقعت معي أنا شخصيَا، اعتدت في حياتي عندما أجد شيئا مفقودا أو واقع على الأرض أن أتركه مكانه و لا ألتقطه، لعل و عسى قد يكون شيء هام، يعود صاحبه بحثًا عنه فيجده، حتى لو كان مصوغات، مال، أوراق. لأنه لا يجب أخذ الشيء الملتقط، قد يأخذه غيري و لكن فليتحمل وزره، أما أنا فكنت أبتعد عن هذا الوزر، و كان هذا الشيء الذي أفعله من الكارما الإيجابية التي عادت عليّ فيما بعد و سأحكي لكم كيف ؟

ذات مرة ذهبت إلى البنك و سحبت مبلغ كبير من المال، و كان هناك مول قريب من البنك، فتوجهت له كي أتناول الطعام بعد يوم مرهق طويل في البنك، شعرت فيه بالجوع، جلست على منضدة بالمول و طلبت الطعام، و كان معي حقيبة بها كتب و حقيبتي الشخصية. كان المول شديد الازدحام، فجلست و وضعت حقيبة يدي بجواري على المقعد، و الأخرى أمامي و جلست لتناول الطعام، و بعد أن أنهيت طعامي دفعت الحساب و انصرفت، و لكني نسيت أن أخذ حقيبة يدي. و بعد أن خرجت و ركبت السيارة انتبهت أن الحقيبة ليست معي، فغيرت وجهتي على الفور و عدت للمول، في تلك اللحظة مر في ذهني كل محتويات الحقيبة، كان معي مبلغ من الدولارات و مبلغ من الجنيهات، نظارة شمسية و طبية لا أستطيع القراءة جيدًا دونها، الهاتف النقال، باور بانك و راوتر انترنت، أشياء كلها هامة

المهم أنني دخلت إلى المول شديد الازدحام، و أنا في سلام نفسي، لست فزعة أو متوترة بشكل كبير، أخذت أنظر على المقاعد لأني لا أذكر المنضدة التي كنت أجلس عليها بالتحديد، فإذا بالحقيبة أمام عيني على المقعد، لم يلمسها أحد رغم الازدحام و وجود السرقات في مثل هذه الأماكن العامة

ما كنت أفعله ارتد عليّ، تركي لمفقودات غيري، رد إليه مفقودتي، السلوكيات التي فعلتها في الماضي، ردت إليّ في الحاضر، قد يكون هناك من رأى الحقيبة، لكنها تركها مكانها، لأنه يعلم أن سأعود من جديد بحثًا عنها. في تلك اللحظة التي عدت فيها و وجدت الحقيبة، شكرت رب العالمين ، و تذكرت كل شريط الكارما الايجابية التي فعلتها بحياتي، تذكرت دعوات المتابعين لنا في شبكة وعي بالخير ، تذكرت المرأة التي كانت تحمل الأكياس بالشارع، و عندما وقعت منها، ساعدتها في حملها، و علمت أن الله يرد الخير بالخير، اللهم لك الحمد والفضل والمنه يارب العالمين

أنواع الكارما الايجابية : مساعدة الناس بكل أنواعها كارما ايجابية، تطبيق ما تتمناه لنفسك بالضبط, أي أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، فهل لو اغتبتي أحدًا تحبي أن يغتابك غيرك ؟ هل تحبي أن تظلمي من أحد! ؟ إن كانت الإجابة لا، عليكِ أن تفكري بهذه الطريقة حتى تحافظين على الكارما الإيجابية في حياتك

٤- كيف أنظف الكارما ؟

من الممكن لأي شخص يعاني من الكارما السلبية أن يتخلص منها، بالتوقف عن الفعل السيء، و إن كان اعتاده يمكن من خلال برمجة العقل و ممارسة بعض التقنيات و التمارين، أن يشفى من تلك السلوكيات بأمر الله، فقد استطعنا في شبكة وعي و الحمدلله من خلال استشاراتنا الفردية الخاصة أن نحقق نجاحًا كبيرًا مع العديد من الناس حول العالم و نستبدل الكارما السلبية لديهم بكارما إيجابية تعود عليهم بالخير والنفع

و أخيرًا أحبتي أرجو منكم أن تربطوا الأحداث ببعضها، فتأخير الخير في حياتك قد يكون سببه أن عليك كارما سلبية، عدم بلوغك للهدف، مرضك أكثر من مرة بنفس المرض، فشل خطوباتك و زيجاتك، تأخر راتبك أكثر من مرة، كل هذه أعراض قد تشير لوجود الكارما السلبية في حياتك. شبكوا الخيوط، و اربطوا الأحداث ببعضها، لتفهموا و تعرفوا ثم تتخلصوا من الكارما السلبية من خلال برمجة العقل و إتباع السلوكيات السليمة، التي لم و لن تخرج عن القرآن، الكارما الإيجابية أسلوب حياة و لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون

إقرأ أيضاً

ما هي الكارما ؟ و كيف تتخلص من الكارما السلبية
تحميل كتاب تشخيص الكارما : سيرجي ن. لازاريف
الكارما : قانون السبب و النتيجة
من منا ليس عليه ديون كارما بمستوى أو بأخر ؟
ماهي الكارما ؟ توضيح وتبسيط
قانون الكارما, الوفرة، و الحب الكوني : لويز هاي

 

 

د. رشا رأفت

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *