كيف تخلصت من الإكتئاب : تجربتي في 6 خطوات

كيف تخلصت من الإكتئاب : تجربتي في 6 خطوات

 

يقال دائما أن تجارب الأخرين و خبراتهم من الوسائل المعينة على التعلم و التشافي، و لذلك أضع بين يديك تجربتي حتى تعينك بكل حب. قبل أن أذكر لك رحلتي في الشفاء أريد أن ألفت إنتباهك إلى أننا متفردون في تجاربنا وظروفنا، خاصة عندما يتعلق الأمر بصحتنا النفسية وطرق التشافي من المشكلات النفسية، فأنا أكتب لك تجربتي الخاصة لأنني حقا أرغب أن يكون هذا المقال تجربة معينة لك وملهمة بما تعنيه الكلمة لتساعدك في حال كنت تعاني من الإكتئاب أو أنك تعرف شخصا قريبا لك يعاني ذلك، و أريدك أيضا أن تعطي وقتك الكامل لقراءة هذه التجربة لأنني أتعمد أن أذكر تفاصيل يشترك فيها جميع من يعانون من الإكتئاب، و كذلك لأن الكثير ممن عرف قصتي مع الإكتئاب طلب مني كثيرا أن أشرح رحلة التعافي و ها أنا أكتبها لكم بكل حب و أنا أنوي لكل مصاب الشفاء

الواقع ليس مهما بالنسبة للمكتئب معرفة متى بدأ يشعر بالإكتئاب، لكن الأهم من ذلك هو معرفة الأسباب التي جعلت هذا المرض يظهر للسطح ويعيق حياته، فمرض الإكتئاب يبدأ بلحظة حزن تلو الأخرى بشكل متكرر حتى يصدق الشخص هنا أن هذا هو الواقع فيدخل في دوامة العجز و التضارب في المشاعر، و الصراع اليومي في محاولة تجاوزها و لذلك فإن التشافي من هذه المشكلة كان وفق تسلسل متتابع و مرتبط علما أن هذا التسلسل ليس دراسة علمية بل كما قلت هو تجربة شخصية و لكن أنا آمل حقا أن تكون لك مفيدة، و فيما يلي سأسرد لك الخطوات أو المراحل التي بدأت فيها فعلا بالتعافي

الخطوة الأولى : القبول و التقبل

حسنا, مسألة القبول و تقبل أنني مصابة بالإكتئاب لم تكن عملية سهلة و مباشرة، فقد عشت لفترة تقارب ال3 أشهر من الإنكار والرفض وعدم التصديق، فعندما يكون هناك شخص تعود أن يكون نشيطا ومنجزا وقائدا وناجحا لا يقبل مطلقا فكرة الهزيمة والإنكسار أو العجز أو الضعف ناهيك عن أن تلك الفكرة المتداولة في المجتمع أن المريض النفسي هو مجنون وبالتالي هذه وصمة عار في نظر المجتمع، أو هكذا يظن مرضى الإكتئاب، أو أن الأسوأ من ذلك يتهمونك بالبعد عن الله سبحانه، و يبدأ الآخرون الذين يسمون أنفسهم متفهمين بإرشادك للرجوع لله و إتهامك بطريقة مباشرة بأنك مقصر في حق الله تعالى فيزيدوا من شعور اللوم الذي تعانيه أصلا

لكن فكرة القبول جاءت بعد ملاحظة و إدراك أن رفضي و إنكاري لم يكن في الواقع يخرجني مما أنا فيه، و لذلك قلت لنفسي، ما الذي سأخسره إذا تقبلت هذا المرض ؟ و كيف سيساعدني القبول و التقبل على تجاوزه و الشفاء منه؟ و دعني أخبرك سرا رائعا، أنني لم أتقبل المرض حتى عدلت طريقة طرح الأسئلة التي كنت أطرحها على نفسي، فقد وصلت بطريقة ما و لا أعرف كيف والتي أؤمن أنها لطف إلهي إلى أن أعيد صياغة الأسئلة التي كنت أطرحها لنفسي فبدأت أحول أسئلتي من أسئلة لجلد نفسي وتعذيبها إلى أسئلة تثير في نفسي الرغبة بالبحث والتقصي عن حلول فصار العقل يركز على الحلول وليس على أسباب المشكلة فتوقفت عن طرح سؤال لماذا الدنيا بهذا الظلم؟ لم أكن سوى شخصا طيبا لماذا يتهجم علي الناس بهذه الطريقة؟ لماذا ينظرون لي نظرة شفقة وعدم تفهم؟ وغير من الأسئلة التي كنت أظلم نفسي فيها حتى وصلت فيها إلى مرحلة أسأل نفسي فيها ما الدرس الذي يريدني الله حقا أن أصل إليه؟ فكان هذا السؤال هو المفصل الذي حركني نحو القبول فقد كان هدفي أن أعرف الدرس الأمر الذي جعلني لا أفكر بالمرض كمشكلة بل سببا للوصل للإجابة عن هذا السؤال، و النهوض من السرير

الخطوة الثانية : مراقبة نفسي لكي أساعدها

واحدة من الأشياء التي أشكر فيها الأخصائية النفسية عليها هي ذلك التمرين الذي أعطتني إياه و الذي طلبت مني فيها مراقبة نفسي و مراقبة حالتي المزاجية، حيث أنني بدأت ألاحظ الأسباب التي كانت تضايقني، فمثلا كانت هناك رسائل سيئة تصلني من الأشخاص الذين كانوا يطلبون مني أموالهم ، فبعضها كان شتما و بعضها كان تهديدا، و البعض وصل به الأمر أن يبلغ عامل في المحكمة بتهديدي و تخويفي، بل بدأ البعض بالتجسس على حسابي البنكي، معتقدين أنني مجرد نصابة أو محتالة، مع العلم أنه كان بإمكاني تقديم بلاغ عليهم و الزج بهم في السجن لفعلهم هذا و لكن لم يكن ذلك ما يشغلني حقا، بل كنت أفكر فقط أن أكون بعيدة عن كل سبب يؤذيني و يزعجني و يقلل من إحترامي لذاتي، خاصة أن هؤلاء الناس لم يكونوا مجرد أشخاص عاديين بل كانوا أشخاص مقربين، لقد كانت رسالة منهم كفيلة بجعلي غير قادرة على المشي، لم تكن كلماتهم و لا إتهاماتهم و عدم تقديرهم لوضعي حتى الصحي سوى سموما قاتلة فتاكة، كانت توشك على أن تفقدني حياتي لولا لطف الله و رحمته، و لذلك عندها قررت أن أغلق هاتفي تماما، لقد قررت أن تكون هناك فترة أتجنب فيها كل شخص لا يحترمني فالوقت ليس مناسبا مطلقا و كذلك فإن مواجهتهم أو الرد عليهم لن يفيدني أصلا، مراقبتي لنفسي جعلتني أتخذ قرارات حازمة كتجنب ما يؤيني، هذا جعلني أتقبل نفسي التي كنت أكرهها بسبب كلامهم السام، الأمر الآخر هذا الإبتعاد جعلني أبحث أيضا عن الأشياء التي كانت تشعرني بالسعادة فبدأت بعدها بممارسة الرسم حيث كنت أبقى لفترة أمارس التأمل لأقوم بعدها بالرسم، الأمر الذي جعل نفسي تشعر بالخفة

الخطوة الثالثة : إحاطة نفسي بالداعمين

حسنا لقد كنت جدا محظوظة و موفقة بفضل الله فقد كنت محاطة بعائلة متفهمة متقبلة واعية و مثقفة الأمر الذي ساهم في أنهم كانوا يتعاملون مع نوباتي و مزاجي المتقلب دون أن يعلقوا علي أو يتهموني أو يشعروني بأني مختلفة عنهم، و لذلك صدقني من المهم جدا أن تطلب المساعدة ممن هم قريبون منك، والديك أخوتك أن تشرح لهم أنك تحتاج لهم و أنك تطلب منهم أن يكونوا صبورين متفهمين، أبلغهم أنك عندما تعتزل أو تغضب أو تصمت أو تنام كثيرا أو تهرب بأن ذلك ليس خيارا تختاره بل ثمة قوة تسيطر عليكك مصدرها أفكارك التي تدور في رأسك، أطلب منهم ذلك بوضوح، فتقبلهم لحالتك سيجعلك لا تشعر بالأسف على نفسك و لا تلوم نفسك حين تؤذيهم أو تتصرف تصرفات تزعجهم لأن ردود أفعالهم تكون هي التفهم

الخطوة الرابعة : إرفع من تقديرك و قيمة نفسك من خلال رفع إستحقاقك

إن أسوأ شيء في الإكتئاب هو إنخفاض الإستحقاق و تقدير الإنسان لنفسه من خلال محاصرة الأفكار السلبية و سيطرتها عليه و كذلك مشاعر اللوم و الحزن و المقاومة التي تمثل مثلثا قاتلا، و لذك كان علي أن أعيد السيطرة على الطريقة التي أنظر بها لنفسي، لكن جميعنا نعرف أنه لا يكفي أن نقول لأنفسنا ببساطة نحن مرضى فلا بأس عادي، طبعا لا بل لابد من دليل عملي حقا نلمسه حتى نشعر بشعور للإستحقاق، و لذلك كنت أسأل نفسي ماذا يمكن أن يجعلني أشعر بأنني بخير، فوجدت أن مساعدة الناس بالكلمة الطيبة هو مايشعرني بالسعادة، لقد أكتشفت طريقي لذلك بعد أن عرفت أن الطريق الأسمى لإكتشاف الإسباب المعينة لرفع الإستحقاق هو أن أزيد جهدي كي أكون من الله أقرب، لقد كنت أكثر من الحديث لله فقد كنت أكثر من الإستغفار و كذلك أطيل الصلوات، الأمر الذي جعلني حقيقة أشعر بالهدوء و السكينة و كذلك قراءة القرآن و تدبره كل ذلك سببا لأن يسخر الله لي الناس التي كانت تحتاج لنصحي و في كل مرة كان الله يلهمني الطريقة التي أساعدهم بها و هو الأمر الذي كان يعزز ثقتي في نفسي فأن يحتاجك الناس هذا يعني أنهم يشعرون بالثقة بك و يستندون عليك و الإنسان لا يستند إلا على من يعتقدون أنه لن يسقطهم و هذه كانت كفيلة أن تجدد رؤيتي للحياة و يرتفع فيها تقديري لنفسي خاصة عندما كانت تأتي إحداهن لتخبرني أنها أستطاعت أن تحل مشكلتها و أن الله سخرني لأجلها

الخطوة الخامسة : التعافي من الأدوية

عندما بدأت أشعر أنني أفضل حالا بعد تقريبا سنتين و نصف من المعاناة مع الأدوية و الصراعات، أستشرت الأطباء المحيطين بي بتركها و فعلا أستطعت تركها بفضل الله خلال أسبوعين فقط

الخطوة السادسة : أداء شكر الله لدوام العافية

و هي الخطوة التي أحاول أن أعيشها في الفترة الحالية، أنا أشعر بالفضل و الإمتنان لله فوحده سبحانه كان معي في رحلة المعاناة و لأنه كان اللطيف الرحيم بي دلني على كل الطرق و أجابني على أسئلتي، لذلك قررت أن أخبر الآخرين و أساعدهم بما أستطيع ليتعافوا، و أن أبذل الجهد لنشر الوعي حول هذا المرض و أساعد الناس تأدية لشكر الله على فضله و ما كتابتي لهذا المقال إلا محاولة مني عسى أن أكون من الشاكرين لفضل الله، و أن لا أخجل أبدا من الإعتراف بأنني أصبت بالإكتئاب فهو كأي مرض، و كأي إبتلاء علينا مواجهته بالصبر و الرضا و الشكر حتى نخرج منه و نكون من الذين فلحوا

و ففي الأخير أنا حقا أرجو لكل مصاب أو محزون أو ممن يعاني أن يشفى وأن يجد الناس الذين يتفهمون وضعه

 

إقرأ أيضاً

لا تستسلم بإرادتك : ( مع حلول من تجربتي الشخصية )

تجربتي مع التوكيدات الايجابية : ممتع و هام جداً

تجربتي مع التأمل : كيف بدأت ماذا شعرت, ما ينصح به و ما النتيجة التي حصلت عليها

كيفية تفعيل الرغبات ضمن مدار الحب اللامشروط

٧ أسباب صادقة لعدم تحقيق أهدافك حتى الآن

 

 

أمل عبد الله

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *