ماهو قانون‏ اللا ديمومة الروحي ؟

ماهو قانون‏ اللا ديمومة الروحي ؟

 

سمعت مؤخراً بقانون اللا ديمومة ولم أكن أعلم المقصود بهذه الكلمة إلا عندما استعرضت حياتي كلها وراجعت ذكرياتي ووجدت أن حياتي وحياة الجميع تقوم على مبدأ هذا القانون. كيف ذلك ؟ الإجابة في هذا المقال

قانون اللا ديمومة.. ماذا تعني هذه الكلمة ؟

المقصود بهذه الكلمة أن لا شيء يدوم لا الحزن ولا السعادة ولا المشاعر ولا الذكريات.. حتى الأشخاص يتغيرون في مواقفهم وأفكارهم وشخصياتهم ووجودهم أيضاً

فهم معنى اللا ديمومة ساعدني على تخطي الكثير من الأحداث المؤلمة في حياتي, ذلك لإدراكي الكامل أن هذا الألم مؤقت وسوف ينتهي قريباً كونهُ غير دائم، فعندما نعلم أن هذه المواقف الصعبة مؤقتة وراحلة لا محالة سوف تختلف نظرتنا للعديد من الأمور التي تخص حياتنا وحياة الآخرين

ففي كل مرة أتألم فيها أكون على يقين تام بأن هذا الألم مؤقت وغير ثابت وذلك ساعدني على تخفيف حدة ألمي وحزني وحتى عند سعادتي, فإنني مدرك تماماً إن هذه السعادة سوف تفارقني قريباً مما تجعلني أتحكم في مشاعري وهذا لا يعني الحزن أو التشاؤم بل السعادة والفرح ولكن بحدود معينة، فلكل شي حدود، للفرح حدود وللحزن أيضاً وإن كان كل شي مؤقت فلماذا لا يكون له حدود

هل فهم هذا القانون يجعلنا نعيش حياة متوازنة ؟

مِن المؤكد أن فهم وأدراك قانون اللا ديمومة سيجعل حياتنا أفضل وفيها نوع من التوازن لأننا سوف نبرمج ونهيئ أنفسنا وعلاقتنا بالآخرين بناء على هذا القانون، الأمر الذي سوف يغير نظرتنا للأشخاص والحياة من حولنا

فإذا ما أردنا الحصول على حياة أفضل ينبغي علينا تقبل القانون اللا ديمومة والاعتراف بأنه قانون أساسي من قوانين الكون. والعديد من علماء النفس ورجال الدين والمستشارين الاجتماعيين والنفسيين يستخدمون هذا القانون لمساعدة الناس ومعالجتهم على تخطي آلامهم

فلماذا لا نستخدمه نحن الأشخاص العاديين ونجعله طريقة ونهج تفكير جديد! يستخدمهُ الآباء والأمهات في تربية أطفالهم. يُدرس هذا القانون في المدارس والجامعات ويطبق في أماكن العمل، ليصبح نهج حياة وأسلوب تفكير، وذلك لضرورة فهمه وإدراكه، فالعلاقات تتغير وغير دائمة، فكم علاقة تغيرت وتتغير يومياً، علاقة الأشخاص ببعضهم تتغير كما علاقة الأهل والأصدقاء والأحباب تتغير بشكل دائم، علاقة الإنسان بالأشياء غير ثابتة، كعلاقته بالعمل والمال ونظرته للأشياء المادية تختلف وتتغير

كما أن أفكاره تتبدل يومياً ‏بأفكار أخرى ولا زلت أذكر كيف كنت سابقاً أؤمن بأفكار اليوم أعتبرها لا تعني لي شيئاً، فلا يوجد ثابت في هذه الدنيا إلا علاقته الإنسان بخالقه وهذا هو الثابت الوحيد في هذا الكون. فاذا كنا لا نملك شيئاً وحتى أجسادنا فإنا نملكها لوقت مؤقت فقط، لماذا لا نكون أكثر سعادة وأقل حزناً ونعيش الأوقات اللا دائمة بسلام؟

ذات يوم، جاء شاب إلى رجل حكيم يسأله: أشعر أحياناً بأنني متناقض، تارة أحس بأنني مع الملائكة في أعلى عليين، وأحياناً أحس بأنني مع الشياطين في أسفل سافلين. فرد عليه الحكيم قائلاً: ما تشعر به أمر طبيعي، ومردّه إلى قاعدة في الثقافة الهندية اسمها “اللاديمومة”، وهي تعني أن كل شيء زائل في هذه الدنيا، فبقاء الحال من المحال، والتغيير هو الثابت الوحيد في هذا الوجود

ومعنى ذلك، أن البقاء في حالة عقلية أو نفسية أو روحانية واحدة أمر مستحيل تماماً؛ لأن الإنسان يمتلك عقلاً وروحاً وجسداً، ولكل جانب من هذه الجوانب الثلاثة حاجته ووقته المنفصل عن الآخر. وبتفصيل أكبر، إن اللاديمومة هي فلسفة هندية ظهرت قبل أكثر من 2500 سنة، وكانت تُعرف كذلك في الحضارة الغربية خلال القرن السادس قبل الميلاد، في حين أنها انتشرت على نطاق واسع في قلب الحضارة اليونانية أثناء الحقبة ذاتها، حيث كان اليونانيون يستعينون بها لإرساء مفهوم التغيير

وهناك ارتباط وثيق بين الحالة الروحانية والجسدية. وعليه، في الوقت الذي تشعر فيه بأنك أقل روحانية كما يحدث عندما تواجه مشكلة عويصة أو مصاعب كبيرة، حاول عندها أن تمارس هواية محببة أو ترفه عن نفسك قليلاً. كمن يواجه موجة كبيرة في خضمّ بحر هائج، فلا يجابهها ويحاول السير بعكس التيار، بل يركب الموجة ويمشي مع التيار إلى أن تهدأ

لذا احرص حين تشتد بك الخطوب وتشعر بانخفاض في طاقتك الروحية، ألا تعاند مشاعرك السلبية وترهق عقلك وجسدك أكثر مما هو مُتعب، بل أن تساير الوضع القائم من خلال تقبل حالتك الوجدانية تلك إلى أن تعود إلى حياتك الطبيعية بشكل تلقائي

وبتطبيق قانون اللاديمومة في حياتك، تدرك أنك عندما تشبع فإنك لا محالة ستجوع مجدداً، وعندما تكسب صفقة أو تحقق دخلاً ماديّاً كبيراً فمصيرك أن تخسر في صفقة أخرى أو تحقق ربحاً أقل في المرات القادمة، وعندما يكسب بطلك الرياضي المفضل في يوم فإنه لا بد أن يخسر في يوم آخر، وبعد كل شروق غروب، وإثر كل شتاء ربيع فصيف، وهكذا دواليك؛ لأن التغيير المستمر من نواميس الكون الثابتة، إذ إن بقاء الحال من المحال. لا شيء يبقى كما هو، لا عمرك ولا شكلك ولا ظروف حياتك ولا أي شيء حولك في هذا العالم بأسره

من فهم هذا القانون وتقبله يستطيع أن يتلمس خيوط النور التي توصله إلى السعادة والنجاح في حياته، أما الشخص الذي لا يقبل هذا الواقع، فهو أشبه بمن يرفض التصديق بقانون الجاذبية فيحاول فعل ما ينافي المنطق، كمن حاولوا الطيران دون الاعتماد على أي أدوات أو وسائل مساعدة متجاهلين حقيقة أن الجسد البشري غير قادر لوحده على التحليق. إلى أن توصل نيوتن إلى نظريته التي غيرت مسار التاريخ وبدأ العالم في التصديق بوجود قانون يجذب الأجسام إلى الأرض، ثم كان ابتكار الطائرة الذي جاء نتيجة فهم الإنسان لهذا القانون وتعلم كيفية التعامل معه، فتمكن في النهاية من التحليق بعد أن كان ذلك مجرد حلم مستحيل المنال

فإذا أردت أن تغدو طيراً يحلق في فضاء السلام الروحي، فلا بد أن تدرك قانون اللاديمومة وتفهمه بعمق شديد وتتقبله. أما من أجمل مزايا هذا القانون فهو أن من يخطئ أو يفعل أمراً سيئاً بحق نفسه أو بحق الآخرين فإن باستطاعته ألا يستمر على فعله. كذلك الحال بالنسبة لكل إنسان صالح قد يقع في المعصية رغم صلاحه، لكنه يستطيع أن يستغفر ويتوب عن ذنوبه ولا يعود إليها، طالما أنه لا يصر على ارتكابها

 

إقرأ أيضاً

قانون التسبيح الكوني، وكيفيه التوافق معه

قانون طاقي : ما تتصل به يتصل بك و ما تنفصل عنه ينفصل عنك

قانون السعادة – الامتنان مثالاً : مع تمرين للإمتنان

قانون التجاهل والتركيز : هاااام جدا

لويز هاي قانون الوفرة الكونية : هام جداً

تفعيل قانون الجذب للحصول على الوفرة و التخلي عن القلة

 

نعمت شاهين

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *