اولا… وكما نعرف… فإن للمخلوق المسمى بالإنسان طبيعتان…هيكلية ترابية (الجسد) وهيكلية نورانية (الروح) تَطَلَّب وجودنا في هذا العالم لبس حلة (قالب) وهو جسدنا المادي(معطف من اللحم)…جسد يحجب حقيقتنا النورانية ونظرا لوجودنا على هذا الكوكب ذو الوعي والتردد الأرضي الهابط…وُجِدَت فئة من المخلوقات كان كل همها طمس الحقيقة ودفنها لمنع إسترجاع الذاكرة المفقودة منذ مجيئنا هنا والتي ضاعت بين طيّات هذا الوعي الكوني…(ولذلك قصة طويلة يعرفها الكثير من أصحاب الوعي) حتى صَدَّقَ معظم البشر أنهم عبارة عن كُتَل من لحم وعظم فأصبحت عقولهم محاطة بحواجز وأسوار ضخمة ترفض الحقيقة وتمنعها من النفاذ داخل طينتهم الكثيفة فنسوا أرواحهم ودورها فنسوا حقيقتهم (الأصلية) فعملية فقدان الذاكرة هي تماما كالإستيقاظ من حلم لا نذكر الا القدر الضئيل منه… ثم ننساه كاملا ان لم نسجله من فورنا
(لندخل صلب الموضوع) وهنا يكمن الجزء الكبير عن كيفية التذكر حقيقتنا كالزجاج…ما إن سقطت ضمن هذا البُعد حتى تَشَظّت وتجزأت في انحاء بقاع هذا العالم قُسِّمَ الوعي وفُقِدَت الذاكرة وشُوِّشَت الإشارة واصبحت ذواتنا الأصلية ضائعة تائهه وما يحصل معنا من أحداث أرضية من تجارب وخبرات وعلوم وفلسفات نكتسبها من محيطنا ما هي إلا محاولات منا لجمع شتات أنفسنا (حقيقتنا) الضائعة
والسر يكمن هنا
نشعر في كثير من الأحيان ومنذ الصغر بإنجذابنا لشخصيات كثيرة حقيقية كانت ام خيالية شخصيات كنا نراها في عالمنا الواقعي حولنا او على التلفاز، شخصيات قديمة وتاريخية او حتى خيالية اسطورية ام فضائية لكائنات يعدها البعض (غير حقيقية) وهذا ((الإنجذاب)) ما هو الا صرخات صامته يائسة من النفس تقول لك فيها ها أنا ذا جزءٌ مني موجود بذاك الشيء امامك فقد تنجذب الى شخصية من حضاراتٍ قديمة بابلية كانت أَم مصرية ام الى شخصية مشهورة مُتعبدة كانت ام طاغية وقد تنجذب الى شخصية خيالية وجدتها في فيلم كرتوني او على الشاشات السينمائية وتشعر انها تمثلك فلا يهم ما تنجذب اليه فقد تنجذب لحيوان ام نبات او صخر حتى إن إنجذبت لحبة فُستق فكل ما تنجذب له من مجموع الشخصيات والمخلوقات ما هو الا انعكاس لمرآة نفسك التي تَشَظّت اثناء سقوطها هنا في هذا العالم وعند البحث في أغوار تلك الشخصية ودراستها نكون قد فتحنا باب من الأبواب المُغلَقَة في متاهتنا العقلية وذاكرتنا المفقودة وشققنا الغبار عن جزء من أجزاء انفسنا المخفية بطريقة عكسية…فنكون قد بدأنا بجمع اول المكعبات الضائعة من انفسنا فكل ما تقابله من شخصيات او قرأت عنه …مجال او شخص أحببته…ما هو الا انعكاس صوري لذاتك الحقيقية…والا ما كان ليسقط في متاهة عقلك لتجده في حياتك فهو اذا قدرك انت وحتى الشخصيات الخيالية لو لم تكن حقيقية لما كان استضافها العقل داخل اكوانه الداخلية فجسدته الحواس حتى صار صورة في عالمنا الخارجي كي يصبح فلما نشاهده كذلك شخصيات واحداث احلامنا فهي جزء من قدرنا ايضا…بكل ما فيها من محتوى فنحن من أسقطنا أنفسنا بشكلها المُجَزَّأ لنجدها قطعة بقطعة في متاهة هذه الأرض وما نفعله هو… ك(نحت) تمثال صورته الكاملة في ذهننا…كل ما نفعله هو شَق وإبعاد الطين عنه كي (تظهر) حقيقته شيئا فشيئا فالحقيقة بأكملها مدفونه في داخلنا…وما علينا الا جمع القِطع المتناثرة وإعادة ترتيبها وتنظيف انفسنا من غبار الاوهام والافكار الحجرية لتظهر الحقيقة ف(أنت) بكل ما تفعله في حياتك هنا ما هو إلا البحث عنك (انت) ومن هنا وفي طريق البحث عن انفسنا نبدأ بجمع القطع الضائعة شيئا فشيئا فتتضح الاهداف بمعرفة انفسنا ومن نحن ولماذا جئنا هنا وما هو هدفنا الحقيقي…لِتُكشَفَ الأسرار الكامنة وتتفجر الحقيقة والمعرفة داخلنا فتعود الذاكرة شيئا فشيئا وأهم شيء على الإطلاق هو (الحب) وكل ما هو مقترن بالحب….فبالحب تذوب وتتحلل كل الحواجز والموانع والاسوار الشاهقات وتتبدد الاوهام فتتضح الرؤية فافعل ما تجده مناسبا لك من صلوات وتأملات فكل ما ترتاح له سيكون طريقك الى الخلاص فأنت اللغز …وانت مفتاح ذلك اللغز فما يلزمنا هو ايمانٌ قلبي….وتصديقٌ عقلي أتريد حدوث معجزة… وانت لا تؤمن بها أصلا ؟! فاخلع رداء الخوف عنك…وابحر في محيط نفسك ودُنياك…ولتعلم أن طريق الخلاص هو بالكهف الذي تخاف دخوله