كيف أتصالح مع الماضي وهو مليء بالأخطاء والآلام ؟

كيف أتصالح مع الماضي وهو مليء بالأخطاء والآلام ؟

 

في طريقنا نحو التطور الشخصي والنجاح الروحي، يكون الماضي دائماً حاضراً بشكل لا يمكن تجاهله, فهو يحمل في طياته لحظات الفرح والألم، النجاحات والفشل، وأهم من ذلك، الأخطاء التي قد نكررها مراراً في حياتنا. لكن كيف نتعامل مع هذا الماضي المعقد؟ كيف نستفيد من تجاربنا السابقة دون أن نُغرق في بحور الندم والألم؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه، وهذا ما سنحاول استكشافه في هذا المقال

سنغوص معاً في رحلة التصالح مع الماضي، سنستكشف كيف يمكننا التعامل مع الأخطاء التي ارتكبناها وكيفية استخلاص الدروس منها دون أن نُغرق في شراك الندم المستمر. سنتعلم كيف نبني جسور الصفح مع ذواتنا، ونفتح فصولاً جديدة في حياتنا بأمل وتفاؤل، مستفيدين من تلك الألم الذي مررنا به. إنها رحلة صعبة، ولكنها ضرورية لتطهير أرواحنا وبناء مستقبل أفضل لنا ولمن حولنا

فلنتوجه إلى الأمام بخطى ثابتة، متعلمين من أخطائنا ومتحدين لنفوز على التحديات التي تواجهنا. ولنتذكر دائماً أن الماضي ليس سجناً لنا، بل هو درس نتعلم منه لنبني مستقبلنا بحكمة وإيمان

أولآ أن تعلم أن الألم والمعاناة والعذاب وكل هذه المسميات ماهي إلا صور خادعة مغلفة بالوهم يعيشك بها الإيجو ليستمتع بدور الضحية او دور المُذنب والمُخطيء, فالإيجو ( الأنا الزائفة) يعيش ويتغذى على مشاعر الضحية والذنب والتأنيب ويجد راحته في هذه المشاعر ! ولكن لتعلم أن الحقيقة غير ذلك تماماً, فكل تجربة مررت بها، كل إختبار، كل تحدٍ, قد كان ضروريآ لنقلك الى المستوى التالي ثم الذي يليه ثم الذي يليه وصولآ الى هذه اللحظة من الوعي, فلا شيء حدث او يحدث إلا وأنت في حاجة إليه ولتجربته

فتقبل وإمتن لكل تجارب الماضي, إمتن لكل ما مر بك في فسحة الحياة من خُذلان او خيبات او فشل ( من وجهة نظر عقلك )

عند الامتنان والتقبل سيختفي الألم المصاحب لهذه الذكريات العالقة ومن ثم ستقوم بقطع حلقة الوصل بين ألمك الداخلي وما يواجهك من الآم جديدة او عراقيل ومشاكل بحياتك

سامح نفسك والآخرين ودع الماضي يذهب وإعلم أن مواقفك في الماضي و ردود أفعالك كانت نتيجه أفضل ما كنت تملك من وعي ومعرفه و فهم للحياة حينها ، فلا تقسوا على نفسك وتحاسبها على الماضي ، وبطبيعة الحال لا تحاسب غيرك

عِش دائمآ بيقين أن كل ما يحدث لك هو خير أو هو محطة لتنقلك الى الخير ( فهذه هي الحقيقة )

لا تحزن على شئ فقدتة ، وكن متأكدآ انه سيعود إليك ولكن في هيئة وصورة أخرى وانه ذهب ليأتيك الأجمل

حرر قلبك من قيود الألم ، كي تتحرر من هذا العبء الثقيل على كاهلك, عند تخلصك من آلآلمك الداخلية العالقة ستتخلص من كل الأفكار المصاحبة لها والتي تتوارد الى عقلك دون تحكم منك

إعلم أن كل شعور سلبي يولد مئات وربما الآف الأفكار السلبية، هذه هي طريقة العقل في التعامل مع المشاعر, بدايةً يجب ان تعرف ان عقلك ليس أنت ، هو يفعل ذلك بشكل فطري وطبيعي

ما لعمل إذن، أن تطبق تقنيات التحرر ، وإليك أبسط طريقة يمكنك تطبيقها بشكل مستمر ويومي إلى أن تتحرر من كل الآلام والمشاعر العالقة وبالتالي يبزغ الوعي وتتغير الأحداث ؟

اولاً : أن تراقب نفسك او أفكارك أو عقلك بإعتبارها ليست أنت ( المراقبة هامة جدآ )

ثانيآ : التقبل لأنك تعرف ان هذا أمر فطري وطبيعي ومن وظائف العقل البدائية (فتقبل مايفعل )

ثالثآ : حاول الوصول للشعور الأساسي الذي يولد كل تلك الافكار. تفعل ذلك بطرح الأسئلة على عقلك
مثلا : لماذا تريد هذا الشيء ، او لماذا أنت قلق من هذا الشيء ، أو لماذا أنت حزين أو نادم على هذا الشيء ، ستأتيك إجابة .. ثم إسأل وماذا بعد ؟؟ وحتى لو حدث ذلك ماذا بعد ؟
وتظل تسأل ثم تسأل .. إلى ان تصل للشعور الاساسي وراء كل هذا

رابعآ : إسمح لهذا الشعور بالتواجد وراقبه ( عش الشعور دون مقاومة )، سماحك له بالتواجد دون قمع أو إطلاق احكام او شعور بالحرج او شعور بالذنب تجاه وجوده او محاولة إيقافه، فقط ( مراقبة ) سيضعف طاقة هذا الشعور جدآ

خامسآ : إسمح لهذا الشعور بالذهاب, بعدما تسمح له بالبقاء ستضعف طاقته ثم قل له أسمح لك بالذهاب الآن وتنفس عميقآ وتخيل انه يخرج منك مع الزفير, تنفس عدة مرات وتخيل ان هذا الشعور يخرج منك بالتدريج مع الزفير

ستشعر براحه وكأن حملاً ثقيلاً قد إنزاح من على صدرك ، وستلاحظ ان الأفكار التابعة له لم تعد تراودك كما السابق

هناك بعض المشاعر تكون عميقة ومتجذرة لأنها قديمة .. لذلك تحتاج تطبيق التقنية عدة مرات

هذه التقنية هامة جدآ لكل الناس, تحرير المشاعر السلبية بإستمرار مثل ( الغضب ، الحزن ، الندم ، القلق ، الخوف ) يخلص الانسان من حمل ثقيل من الأفكار والمعيقات فتظهر الروح بصفائها وسكينتها ، هذه التقنية رائعة لإرتقاء الوعي والاتصال بالروح ويجب على كل الناس بجميع درجات وعيهم تطبيقها

إذا إستمريت في تطبيق التقنية كلما قابلتك أفكار او مشاعر سلبية ستشعر بالفرق الكبير في وعيك وفي مجريات الأمور و تبدل الاحداث في حياتك ستصبح متناغمآ مع التدفق الكوني ليأتِ العالم أخيرآ للقائك

 

إقرأ أيضاً

هل تؤثر آلام الماضي في الحاضر أو المستقبل ؟

أخطاء الماضي : كيف نتصالح معها و نسامح أنفسنا ؟

كيف تتخلص من الماضي ( مع تمرين )

كيفية نسيان الماضي المؤلم

 

مروة سعد

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *