! أستيقظ أنت نائم و تحلم بالحياة

أستيقظ أنت نائم و تحلم بالحياة 


ماذا لو كان هناك نسخة آخرى منك توجد في بعد آخر و تعيش بداخلك 
نسختك الحقيقية التي خُلقت لتسكن الجنة و مازالت تعيش فيها و هي على إتصال دائم مع من خلقها ، تسمع رسالاته و تتلقى توجيهاته عن طريق مستقبلات في القلب
و نسختك الاخرى التي أختارت أن تهبط إلى الأرض طمعًا في الخلد و الملك الذى لا يبلى كأستجابة لرسائل عدوها اللدود ،
النسخة المزيفة التي يظن الجميع أنها الحقيقية
نسخة الجسد المادي الذي يمثلك لبعض الوقت و لكنه ليس أنت
فحقيقتك لا محدودة ، تستطيع أن تفعل كل شيء و لكنها مقيدة سجينة داخل جسد محدود القدرات ضعيف فاني لا يملك من أمره شيئًا و يخدعك عقلك بأنه كل شيء
و أني لأظن أن الاختبار في تلك الدنيا يكمن في تحرير نسختك الحقيقية من سجن الجسد ليعلن القلب انتصاره على العقل تجسيدا لمشيئة الخالق في فك أقفال مستقبلات القلب ليبدأ في إدراك وجود الله بدلا من العقل الذي لا يعترف إلا بما يراه و يسمعه .
تتبادل النسختان الحضور بداخلك كأستجابة لما يبثه عقلك من موجات تعكس حالة حضورك العقلي و تعكس أيضا ما يصدقه عقلك عن حقيقة وجودك .
أستيقظ الآن فأنت نائم و تحلم بالحياة 
الجميع يعيشون نفس الحلم حتى ظننا أنه الحقيقة ،
كل شيء يبدو حقيقيًا ، نرى و نسمع و نتذوق و نشعر بكل ما حولنا .
ماذا لو كان ذلك العالم الواسع حقيقي فقط لحواسنا المزيفة 


ماذا لو كنا نعيش داخل حلم ؟


الحياة التى نظن أننا نعيشها هى الحلم و نحن محاصرون داخل عقولنا التى تخدعنا بأننا نعيش حياة،
نستيقظ فتنام النسخة الحقيقية عندما نرى ضوء الشمس وننغرس في زخم الحياة و أدوارنا التي فُرضت علينا داخل ذلك المسرح الكبير المسمى الدنيا.
نتفاعل بكل طاقتنا حتى ننسى حقيقتنا فنظن أننا الجسد و أننا المشاعر و أننا الأفكار.
تبث عقولنا ترددات الانشغال العقلي القصوى فنبتعد كثيرًا عن إدراك الحقيقة و نظل عالقين داخل قيود سجن الجسد المادي الضعيف،
ننتبه جيدًا للوقت و الزمان فنثبت أقدامنا في ذلك البعد الوهمي الذي يتبع قوانين المادة
فنسختك الحقيقية لا تعرف الوقت و لا تعرف المكان لأنها هي الحضور المطلق الذي لا ينتمي لقوانين الحياة الفيزيائية
فنحن مازلنا نعيش فى الجنة
نعيش بأرواحنا التى ُخلقت لتسكن الجنة
و عندما نستسلم للنوم و نسلم أعيننا للظلام ، تظهر نسختنا المبصرة للنور ، و تتولى قيادة الجسد لتصلح ما أفسدته النسخة المزيفة طوال اليوم فيحدث تجدد الطاقة و التشافي و التوجيه للسعادة و الوفرة كأستجابة للمواد الكيميائية التي يفرزها العقل أثناء النوم و التي تساعدك على عبور الجسر بين وجودك المادي و حقيقتك كطاقة من نور .
فظلام العين مرتبط بنور البصرية و كأنها شفرة يتحدث بها الكون إلينا ليخبرنا أننا كلما أغمضنا أعيننا عن الحياة و أضوائها البراقة ، كلما أبصرنا ذلك النور الداخلي الذي ينبع مع داخل القلب.
تستيقظ عقولنا في الصباح لنبدأ رحلتنا افتراضية فيما يسمى الحياة الدنيا،
لا نستطيع أن نتذكر ما حدث أثناء النوم لأننا أنتقلنا لترددات مختلفة فلا يمكن استرجاع المعلومات إلا في حالة اللاعقل و التسليم المطلق التى تحاكي حالة السلام التي تحدث لنا أثناء النوم
و لن يحدث السلام إلا إذا أدركنا أن ما نختبره ليس هو الحقيقة فنختار عدم التفاعل مع الأحداث اليومية و والاكتفاء بالمشاهدة من مكان بعيد داخل عقولنا .
ننتظر في صمت عسي أن يأتى ذلك اليوم الذى ندرك فيه الحقيقة و كلما أخترنا عدم التفاعل كلما اقتربنا من تفعيل نسختنا الحقيقية و كأننا اخترنا أن نغمض أعيننا عن مشاهدة الأنوار المزيفة بالخارج مقابل الانوار الحقيقية بالداخل.
فهل نصدق عقولنا و أن ما نراه حقيقة؟
أم نصدق قلوبنا التى تحاول بأستمرار أن تخبرنا بمن نكون و لأي مكان ننتمي 
و لكى لا ننخدع فى ما نراه و نظن أنه الحقيقة ، لابد و أن نختبر بعض الألم.
الألم يجعلنا نستيقظ من سباتنا العميق
صرخة ألم يطلقها القلب عندما ينخدع بسبب العقل
ثم يزداد ألم القلب إلى أن يصل بالعقل لدرجة الوعى الذى تجعله ينام للأبد فلا يقاطع رسائل الكون ثانية .
فعندما يعلن الجسد انهزامه أمام قسوة الحياة ، يبدأ القلب في التسليم و عدم المقاومة ليتلقى رسالاته من ذاته الحقيقية
فينتقل العقل لترددات وضع الجنين الذي لا يحمل همًا و لا يلقي بالًا لما هو آت ، مغمض العينين لا يرى إلا نوره الداخلي،
وضع التسليم المطلق
يأتيه كل ما يحتاجه بدون عناء و يعيش داخل غشاء رقيق يوفر له كل ما يحتاجه و يحميه من المعاناة .
تلك الترددات التي تنقله مباشرة إلى تفعيل النسخة الحقيقية منه و العقل متوقف عن الانشغال بالمثيرات المزيفة التى تحاول اجتذابه لأسفل ليختار بأرادته الارتقاء للحياة العليا و تحرير نفسه من سجن الانتماء للأرض و ما تحمله من لعنة قانون « البقاء للأقوى ».
فدائما ما يشدنا العقل الى الدخول فى عالمه الملىء بالأفكار و المشاعر و المعاناة المستمرة
لو أدركنا الحقيقة لقاومنا كل تلك المحاولات
فالأنا تظهر عندما يحجب العقل ظهور الروح حاملًا أمامها سلاحه الشهير ، « الانخداع فى الشهوات  » التي اختارها كقبلة يسعى حولها فى دائرة مفرغة
و في المقابل تحاول كل مخلوقات الكون أن تصدر لنا رسائل لتخبرنا بالحقيقة ، و لكننا لا نستطيع أن نفهم تلك اللغة بحواسنا المادية ، لابد و أن ننتقل للبعد الآخر حتى تنتقل الرسائل مباشرة لتصل الي مستقبلاتها داخل القلب،
فالطيور تحاول دائمًا أن تخبرنا بأننا ننتمي لعالمها الذي يجوب السماوات بحثًا عن الحرية، و السماء تنقل لنا رسائلها عن الرحمة ،و الجبال تحدثنا بقوة مالك الملك ، و الزهور تقول لنا أن بداخلنا جمال و إبداع ليس له مثيل لكننا لا نستطيع أن نفقه تسبيحهم بسبب غطاء الحواس المزيفة.
فأن خرجنا من غشاء التسليم و اخترنا الهبوط ، اصطدمنا بالنقص و الجوع و الألم و الاحتياج .
فنطلق صرخة الألم لبداية لعنة المطاردة،
مطاردة الراحة و السعادة و الأمان
و يتصاعد الحنين داخل قلوبنا حتى يهلك الجسد بحثًا عنهم ليطاردهم في متع الدنيا اللحظية،
لا يعلم القلب أنه يطارد الحنين لما قُدر له أن يسكنه فيحاول استبدال السعادة المطلقة بالمتعة اللحظية .
نتصادم مع الواقع و ما يحمله لنا من رسائل ، نبحث عن منقذ و لكن أحدًا لن يقوم بأنقاذك من جحيمك الداخلي إلا تكذيبك لعقلك الذي كان سببا في خروجك من جنتك.
فهل يعلن آدم عن توبته الحقيقية و يختار أن يصعد إلى الجنة تاركًا الارض لإنه اكتشف خدعة العقل
أم انه دائمًا ما يختار الهبوط إلى الأرض تاركا الجنة
و مازال آدم يطارد الخلد و الملك الذي لا يبلى حتى يعلن توبته فلا يصدق عقله تلك المرة حتى تنحل العقوبة على بني آدم و يعود الإنسان لحيث تنتمي روحه
فأن تحررت الروح من آسر الجسد و حواسه الوهمية ، يولد قلب جديد له خصائص طاقية تستطيع أن تستقبل رسائل نسختك الحقيقية التى تسكن الجنة،
فعقلك هو وسيلتك لتفعيل جهاز استقبالك الجديد،
إدراك عقلك لحقيقة الكون من حولك سيجعلك تستودعه لمن خلقه فتعيش حالة من التقبل و التسليم
فتصل للنفس المطمنئنة التى اختارت الرجوع الى خالقها و هي راضية مرضية لتدخل جنته بينما مازال الجسد يعيش على الأرض .

رانيه_مصطفى_محمود
تحرير_الأفاتار
حلم_جماعي
الاستيقاظ_الاختياري

2 réflexions sur “! أستيقظ أنت نائم و تحلم بالحياة”

  1. سبحان الله المقال جد غني بالمعلومات .. و كلما اقرا اجد نفسي فهمت و بعدها اجد نفسي دخلت في متاهة و هكذا . شكرا الك امشاركتنا

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *