لماذا تشعر بالضياع ؟ : التحرر من المثالية العمياء

لماذا تشعر بالضياع ؟ : التحرر من المثالية العمياء

 

لماذا تشعر أنك في اغتراب عن ذاتك؟ لماذا تشعر أنك لا تسطيع الإنسجام إلا مع فئات محددة من الناس ؟ لماذا يُغادرك أو يتركك الأشخاص الذين اخترتهم ليكونوا قربك ؟ لماذا تبقى غائب الذهن، و الحاضر هو جسدك فقط ؟ لماذا لا تستطيع الإنسجام مع الآن ؟ لماذا تشعر أنك لا تستطيع الإصغاء إلى ذاتك ؟ لماذا تشعر أن حضورك يجلب الركود و التوتر عوضاً عن السعادة و التمتع ؟ لماذا تفضل البقاء بعيداً عن الواقع، بالوقت الذي يجب عليك فيه أن تنسجم مع جميع فئات الناس، و تختبر تجربة الإحتكاك معهم ؟ لماذا لا تمتلك الجرأة الكافية و الإرادة الكافية لتقرر خطوات نموذجية في واقعك الحياتي، و تمضي في تحقيقها ؟

هل سألت نفسك هذه الأسئلة ؟

سأجيبك الآن؟

السر في مثاليتك المزيفة، التعقيدات التي وضعت نفسك في حجرتها الضيقة ثمّ اقفلت بابها عليك، و رميت مفتاحها

المثالية يا صديقي تعزلك عن ذاتك، تجعلك في عطش دائم للسعادة، تجعلك في رتابة مزيفة ما بين خوف و شك، إنك لا تستيطع حتى أن تثق بنفسك

المثالية تجعلك مغموراً بأناك و خيالاتك، تجعل ماضيك حاضراً كل الوقت في ذهنك يستنزفك، و مستقبل بعيد يشدك سنيناً إلى الأمام

المثالية تشعرك أنك إنسان مُعذب مهما كنت مرفهاً، خلقت لتتألم فقط، تصتطنع الفرح كمظهر، و في داخلك تنزف

المثالية نظام عقلي بحت، تفقدك الإنسجام مع واقعك، و تسيرك وفق قوانينها العمياء إلى الصراع، صراعك مع نفسك

المثالية ليست كمالاً، بل هي حالة نفسية متفاقمة ناتجة عن مشاعر النقص، ناتجة عن الفقد العاطفي كحالة تعويض عن النقص أو عما تفتقده الشخصية ؟

المثالية من الرواسب النفسية الخطرة التي تفقدك الإحساس بقيمتك و بقيمة لحظتك، السهل أمامك تحوله إلى مُعقد

المثالية تدفعك إلى الوحدة و الإنكفاء بنفسك بعيداً، فكيف إن فرض الغير قوانينها العمياء عليك، لا تفعل، لا تجرب، هذا عيب و هذا حرام، و هذا لا يجوز، الرب يحرقك بجحيمه، و أنت لا مفر مُجبر على أن تلتزم بها، و هنا بلا شك إنها ستكون ممرك إلى التمرد و الإنحراف ثمّ الجرح العميق و الأسى

المثالية تجعلك كائن ضيّق، بطيء التطور، سريع التعلق،تتمسك بكل شيء حولك، سريع الجرح سريع الغضب، قديمك السلبي دائم الطرح في حديثك، علماً أن كل حدث تستذكره من ماضيك و كان سلبياً معتماً، تعود طاقته لتتفعل كما لو أنها حدثت الآن، أول شخص تؤذيه هو أنت

المثالية تفقدك براءة الطفولة، توثقك إلى جدران وهميّة خادعة هي الآنا و المنع و الرفض و التحسب و الخوف من تبدل نظرة الآخرين فيك إذا ما عشت لحظاتك التي تكون فيها انت على حقيقتك بسجيتك الواعية

المثالية ترسم على وجهك الإضمحلال و الشحوب، و تغرق عينيك بالحزن المترقب للتغيير، التحرر من القيود التي فرضتها عليك مثاليتك، و جعلتك مكبوتاً جافاً بارداً مُختنقاً في نفسك

التغيير

القوة لا تأتي من الوهم، و إنما تولدها التجربة الواعيّة، التجربة الواعيّة تحتاج إلى شجاعة، الشجاعة خلاصة البساطة، البساطة خلاصة النضج، النضج خلاصة إزدهارك النفسي، إزدهارك النفسي يعني إزدهارك في واقعك العلمي و العملي

البساطة تعني أن تغادر أنظمة مثاليتك لتنطلق منها إلى سجية القلب الواعيّة المتسعة، الإنطلاق من الحدود الضيقة على الإتساع.. سجيّة القلب الواعية، إنها مرشدتك لأن تدخل عصرك الذهبي، إنها دليلك الباطني

البساطة وحدها من تعيدك إلى مرح الطفولة، و براءة الطفولة، البساطة وحدها من تأخذك من عوالق تلك المسارات المثبطة الهادمة إلى الفرح النابع من أعماقك لتترسخ أنت ضوءاً فيه

أصغي

أصغي فقط إلى نفسك، كن واعياً لبساطتك، و كن واعياً لمراحل خروجك من مثاليتك، كن صديقاً لنفسك، أصغي لجسدك، أصغي لقلبك، أصغي لروحك، كن تلميذا نجيباً لهم، دعهم يعلمونك الحب، دعهم يعلمونك كيف تفرح و كيف تستقبل نعماتك و تتغير، إنهم ماسات بين يديك

البساطة خلاصة النضج، تجعلك كائنا سعيداً، خالياً من الكبت و التعقيد، تفعل بثقة و فرح ما يًسعدك دونما خوف و شك، و الآخر يتقبل ما تفعل بإمتنان

البساطة خلاصة النضج تجعلك مُتقبلاً لظروفك كيفما كانت، متقبلاً لتغيراتك، متقبلاً لنفسك، مُتقبلاً لنتائج أفعالك، مُستمراً كما النهر الجاري، حتى لحظتك التي تمر عليك تمتن لك و تصلي لأجلك لأنك شعرت بقيمتها

ماضيك بمجمل أحداثه باقة ورود، و لا تراها إلا باقة ورود، و لا تستذكر منه إلا العطر، مُستقبلك تراه في داخلك و ليس خارجك إنه أنت الآن

كن ماءاً جارياً يا صديقي، الماء لا يتعلق بمكان، الماء لا يتمسك بعابر فيه، الماء يبقى مُستمراً، الماء دائماً في إنسجام، الماء يشتاقه كل شيء، الماء خلاصة السجيّة الواعية للطبيعة، الماء إنه البساطة الحيّة

 

إقرأ أيضاً

لماذا حظّي سيّء ؟ : إليك شيئين بسيطين لتغيير مصيرك
لماذا تضحى على حساب نفسك من أجل الأخرين ؟
كارما العلاقات
لماذا يسمح الله بالمعاناة : روبرت سبيرا
العلاقات الروحية : لماذا لا تستمر، أو تتعطل أو تتكرر

 

 

علم الشفاء الاثيري

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *