هنالك من يذهب بعُنفه للخراب و هنالك من يذهب بسَلامه للتنوير

العنف و السلام

العنف و السلام مفهومان متناقضان، كلاهما مُكتسَبان و لكن يتطوّران مع الزمن فهنالك من يذهب بعُنفه للخراب و هنالك من يذهب بسَلامه للتنوير. هل تسائلت يوما لماذا أنت شخص عنيف أو لماذا أنت مُسالم؟ هل فعلا أن البيئة التي نشأت فيها هي التي قرّرَت وِجهَتك ضمن هذين المفهوميْن؟ هل أنت عنيف بالفطرة أو مسالم بالفطرة؟ لماذا أنت خجول و لماذا انتي متمرّدة، لماذا أنتي هادئة و لماذا أنت سريع الإنفعال؟ كلها أسئلة في الواقع تبدو بديهية و نمضي سنين و سنين و « الأنا » تقنعنا بأن كلينا على حق و تخدعنا و تخدّرنا كي لا نخوض رحلة التغيير و لا نصل لعقلنا الباطن و فهم خوارزمياتها. الشخص العنيف سيُواصل ممارسة عنفه و هو مقتنع لسنوات أنه ليس عنيفا و إنما الحياة تتطلب منه ان يكون هكذا و يتسلّط على غيره و إلا سيصبح ضحية. و الشخص المسالم سيضل سنوات يؤنبه ضميره بأنه ضعيف الشخصية و لا يفقه شيئا في التعامل مع الغير و حقّه دائما مهضوم و يصبح يبحث عن طريقة لرد الفعل إلى أن ينجرّ للعنف. هاذين الحالتين هما مُجسّم صغير لمجتمع بالكامل. خليني الآن أفسِّر بإقتضاب مأْتى العنف ببساطة : أنت عندما تضغط على معجون الأسنان و العُلبة مغلقة ماذا يحدث؟ سيخرج المعجون من أضعف المناطق و يفيض في كل الاتجاهات هكذا هي المشاعر المكبوته عند الشخص العنيف. أما الشخص المسالم المتناغم و المتصالح مع ذاته يسمح بآلية الرحيل لكل مشاعره و لا يقاومها فتكون العملية سلسة و خُصوصا يقوم بمراقبتها و ينتهي به الامر بتجاوزها. في الأخير نشأتُكَ في بيئة أياًّ كانت لا تعني بالمرّة كيف ستكون، أن تنشأ على العنف لأن محيطك كذلك و تُصبَح مُسالماً خير من أن تكون مسالما و تنقلب للعنف و كُنت قد نشأتَ في بيئة مُستقرّة. الفارق الوحيد هنا هو مدى قدرة الأول في التحكم بمشاعره و وعيه فأصبح مستنيرا عكس الآخر الذي إنصاع لل »أنا » و الوعي الجمعي « الخاطئ » بالرغم من إختلاف ضروف النشأة. أي أنه خلاصةً أنت وحدك تُقرر من تَكون و كيف تساهم من موقعك في رفع و لو بدرجة في مستوى الوعي الباطن المبنِي على مراقبة الأفكار كي لا تواصل بالهروب بنا لسنوات نخسرها في لحضة عنف بدَل أن نستثمرها و نربحها في لحضات سلام.

الأستاذ مجدي_بشطبجي
رحلة_وعي

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *